بدعٌ وأخطاء تتعلقُ بالأيامِ (1)

بدعٌ وأخطاء تتعلقُ بالأيامِ (1)






الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ، إلى يوم الدِّين ثم أما بعد؛
السبتُ:
السبتُ لغةً:
الراحةُ والقَطْعَ، والدهرُ وحلقُ الرأسِ، والسيرُ السريعُ([1])، وهوَ ثاني أيام الأسبوعِ، وقبلُه الجمعةُ على قولٍ.
سببُ تسميتِه([2]):
السبتُ يومٌ مِنْ أيامِ الأسبوعِ المعروفةِ، وإنما سُمي السابعُ مِنْ أيامِ الأسبوعِ سبتًا؛ لأنَّ اللهَ - عزَّ وجل - ابتدأَ الخلقَ فيه، وقطعَ فيه بعضَ خَلْقِ الأرضِ، واتفقَ العلماءُ على أنَّ اللهَ - عزَّ وجل - ابتدأَ الخلقَ يومَ السبتِ، ولَمْ يخلقْ يومَ الجمعةِ سماءً ولَا أرضًا.
وقالَ الأزهري: (والدليلُ على صحةِ مَا قالَ، ما روي عَنْ ابنِ عمرَ - رضيَ اللهُ عنهما - قالَ: (خَلَقَ اللهُ التربةَ يومَ السبتِ ...) الحديث).
وجمعُه: "أَسْبُت" كسقف وأَسْقُف، و"سُبُوت" كدرج ودروج.
فَضْلُهُ:
لمْ تثبتْ ليومِ السبتِ فضيلةٌ على سائرِ الأيامِ، كما لم يثبتْ عَنْ رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - أنَّه اختصَّه بعبادةٍ مِنْ صيامٍ أوْ غيرِ ذلكَ دونَ سائرِ أيامِ الأسبوعِ.
ما انفردَ بِهِ مِنْ محدثات:
تعطيلُ بعضِ البلدانِ الإسلاميةِ أعمالَها يومَ السبتِ لكونِه عيدًا أسبوعيًّا دينيًّا عندَهم، تقليدًا وتشبهًا باليهودِ لمكانةِ هذا اليومِ عندَهم.
والتعطيلُ أيامَ الأعيادِ شعارٌ ملموسٌ لإكرامِ تلكَ الأعيادِ دونَ غيرِها، ونحنُ مأمورون بمخالفةِ أهلِ الكتابِ([3]).
أحاديثُ لَمْ تَثْبُتْ فيه:
(مَنْ بَكَّرَ يومَ السبتِ فِي طَلَبِ حاجةٍ فأنا الضامنُ ببقائِها).
درجتُه: ضعيف([4]).
الأحد:
الأحد أولُ أيامِ الأسبوعِ على قولٍ، والأحدُ بمعنى الواحد، وهو أولُ العددِ.
ويُسْتَعْمَلُ في الإثباتِ على ثلاثةِ أوجهٍ:
1- استعمالُه في الواحدِ المضمون إلى العشرات نحو: "أحد عشر، وأحد وعشرون".
2- استعمالُه مضافًا أو مضافًا إليه؛ كقولِه تعالى: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} [يوسف: 41]، وقولِهم: "يوم الأحد: أي يوم الأول".
3- استعمالُه وصفًا مطلقًا، وليسَ ذلكَ إلَّا في وصفِ اللهِ - عز وجل -، فالأحدُ بالإطلاقِ مِنْ أسماءِ اللهِ - عَزَّ وجل -، وهوَ الفردُ الذي لم يزلْ وحده، ولمْ يكُنْ معه آخر([5]).
سببُ التسميةِ:
يومٌ مِنْ أيامِ الأسبوعِ معروفٌ، سُمي بذلكَ لأنَّه أول الأيامِ عندَهم، بدليلِ هذه التسميةِ([6]).
فَضْلُهُ:
لمْ يثبتْ لهذا اليومِ فضيلةٌ على سائرِ أيامِ الأسبوعِ، ولم يُخْتَص بعبادةٍ دونَ سائرِ أيامِ الأسبوعِ.
ما انفردَ بِهِ مِنْ محدثاتٍ:
تعطيلُ بعضِ البلدانِ الإسلاميةِ أعمالَها يومَ الأحدِ لكونِه عيدًا أسبوعيًّا دينيًّا عندَهم، تقليدًا وتشبهًا بالنصارى، لمكانةِ هذا اليومِ عندَهم.
والتعطيلُ أيامَ الأعيادِ شعارٌ ملموسٌ لاحترامِ تلكَ الأيامِ دونَ غيرِها، ونحنُ أمةُ إسلاميةُ مأمورون بمخالفةِ أهلِ الكتابِ.
الأثنين:
سببُ التسميةِ:
هوَ يومٌ معروفٌ مِنْ أيامِ الأسبوعِ سموه بذلك، لأنَّه ثاني أيامِ الأسبوعِ عندَهم بدليلِ هذه التسميةِ([7]).
ويُجْمَعُ على: أثانين.
فضلُه:
يومٌ كريمٌ وُلِدَ فيه النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم -، وأُنْزِلَتْ عليه النبوةُ، فَقَدَ أَخْرَجَ مسلم أنَّ النبيَّ - صلى اللهُ عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يومِ الأثنينِ؛ فقالَ: ((ذاكَ يومٌ وُلِدتُ فيه، ويومَ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَليَّ فيه))([8]).
ويومُ الأثنين والخميس تُعْرَضُ فيهما الأعمالُ؛ كَمَا وَرَدَ عَنْ النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم -: ((تُعْرَضُ الأعمالُ يومَ الأثنينِ والخميس، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنا صائمٌ))([9])، فيُسَنُّ للمسلمِ صيامُ هذين اليومين مِنْ كُلِّ أسبوعٍ.
وفي هذين اليومين يُغْفَرُ لِكُلِّ عبدٍ لا يُشركُ باللهِ شيئًا، إلَّا امرأ كانتْ بينه وبينَ أخيه شحناء، قالَ - صلى اللهُ عليه وسلم -: ((تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا))([10])، وفي روايةٍ: ((تُعْرَضُ الأعمالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خميسٍ وَاثنين ...))([11]).
فَكَمْ هي خسارة عظيمة أَنْ يُحْرَمَ الإنسانُ مغفرةَ ذنوبِه بسببِ خلافٍ بينه وبينَ أخيه، خاصةً إذا كانَ خلافًا لتوافِهِ الأمورِ وعلى حطامِ الدنيا.
فحريٌّ بِكُلِّ مسلمٍ أَنْ لا يمرَّ عليه هذان اليومان إلَّا وهو صافي القلبِ، طيب النفسِ، قَدْ غَسَلَ قلبَه مِنْ كُلِّ حِقْدٍ وكراهيةٍ وبغضاء، وَقَطَعَ كُلَّ أسبابِ الفرقةِ، واتصلَ بإخوانِه، وطلبَ منهم العفو، وكظمَ وعَفَا، وَخَيْرُهُمَا الذي بيدأُ صاحبَه بالسلامِ.
مَا انفردَ بِهِ مِنْ محدثات:
1- فِعْلُ المولدِ كُلَّ اثنين، وصيامُ كُلِّ اثنين لمناسبةِ فِعْلِ المولدِ([12]).
2- زيارةُ القبورِ يومَ الأثنين([13]).
أحاديث لم تثبتْ:
(اطلبوا العلمَ كُلَّ اثنين وخميس، فإنَّه مُيَسَّرٌ لِمَنْ طَلَبَهُ).
درجته: موضوع.
انظر: العلل المتناهية، (1/502).
(اطلبوا العلمَ يومَ الاثنين فإنَّه مُيَسَّرٌ لِطَالِبِهِ).
درجته: ضعيف.
انظر: الضعيفة، رقم: (2490)، وضعيف الجامع، (1007).
 
الهوامش

([1]) بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، (3/17)، واللسان، (سبت).

([2]) لسان العرب، ابن منظور، (2/37-38)، وانظر: أسماء الأيام في الموسوعة العالمية، (7/85).

([3]) إنَّ مخالفة الكفار في أعمالهم وأقوالهم وأهوائهم من المقاصد والغايات التي أسسها وجاء بها القرآنُ الكريمُ، وقدْ قامَ النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم - ببيانِ ذلك وتفصيلِه للأمةِ.

انظر: البحث القيم للشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمهُ اللهُ - في كتابه "حجاب المرأة المسلمة"، من صفحة (81) إلى آخر الكتاب، حيث جمعَ الآثار الواردة في وجوب مخالفة اليهود والنصارى وغيرهم، وهي مخالفةٌ عامةٌ شاملة، لا تنحصرُ في باب واحد من أبواب الشريعة كالصلاة مثلًا، بل تتعداها إلى غيرها من العبادات والآداب الاجتماعية والعادات، حتى قالَ اليهودُ: (مَا يريدُ هذا الرجلُ أنْ يدعَ مِنْ أمرِنَا شيئًا إلَّا خَالَفَنَا فيه)، كما أخرجهُ مسلم برقم: (303).

أقول: ومن الكتب النافعةِ في هذا الباب:

(أ) السنن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار، لمصنفه سهيل حسن عبد الغفار.

(ب) مخالفة الكفار في السنة النبوية، لمصفنه علي بن إبراهيم بن سعود.

وهذان المؤلفان جمعا الخيرَ الكثيرَ مِنَ الأحاديث والآثارِ مما لا تجدُه في غيرِهما، أما من الناحية الفقهية فالكتابُ مفيدٌ قيم.

(ج) التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي، لمصنفه جميل بن حبيب اللويحق.

(د) التدابير الواقية من التشبه بالكفار، للدكتور عثمان.

([4]) انظر: العلل المتناهية، ابن الجوزي، (1/536).

([5]) بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي، (2/91).

([6]) لسان العرب، ابن منظور، (3/70).

([7]) المصدر السابق، (8/109).

([8]) رواه مسلم، (1162).

([9]) رواه الترمذي، (747)، وقال: (حديث حسن غريب).

([10]) رواه مسلم، (2565)، من حديث أبي هريرة - رضيَ اللهُ عنه-.

([11]) التخريج السابق.

([12]) الاعتصام، الشاطبي، (2/63)، معجم البدع، ابن أبي علفة، ص(23).

([13]) أحكام الجنائز، الألباني، (258)، معجم البدع، ابن أبي علفة، ص(23).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
بدعٌ وأخطاء تتعلقُ بالأيامِ (1).doc doc
بدعٌ وأخطاء تتعلقُ بالأيامِ (1).pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى