الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ التضحية كل عام للأموات، وترك التضحية عن أنفسهم والأحياء، بل قد ترك الناس الضحايا التي هي من كبار القرب مع قدرتهم عليها[1].
أقول: الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نفسه وأهل بيته، أما ما يفعله بعض الناس من تقديم الأموات على أنفسهم تبرها منهم، فلا أصل له فيما نعلم.
أما ضحايا الأموات التي هي وصايا عنده، فهذه يجب تنفيذها ولو لم يضح عن نفسه، لأنه مأمور بتنفيذ الوصية.
-اعتقاد عدم صحة التضحية من حائض أو جنب.
-اعتقاد أن من أراد أن يضحي حرم عليه الجماع، والبعض يحرم الطيب، والبعض يحرم كل محظورات الإحرام جهلا منهم.
-يظن البعض أن من أراد أن يضحي وحلق أو قلم فلا يصح أن يضحي وإن ضحى فلا تصح أضحيته، وهذا خطأ، فالأضحية صحيحة ويأثم بحلقه أو تقليمه.
-يخطئ البعض فيذبح الأضحية ليلة العيد نظرا لزحمة ليلة العيد نظرا لزحمة القصابين والجزارين، وهذه كما قال صلى الله عليه وسلم:" شاتك شاة لحم"[2]، أي ليس لها ثواب الأضحية، وذلك لأن الأضحية عبادة محددة بوقت لا يجوز العدول عن هذا الوقت، بل يجب الإتيان بها فيه.
-ومن الأخطاء: ما يفعله بعض الناس بأن يضحوا عن الميت أول سنة يموت أضحية يسمونها" أضحية الحفرة" ويعتقدون أنه لا يجوز أن يشرك معه ثوابها أحد.
والإسلام لا يعرف "أضحية الحفرة" بل هو بدعة، ولا يعرف أيضا عدم الإشراك إلا أذا أوصى الميت بأن يضحى عنه فتنفذ وصيته وجوبا.
-بعض الناس لا يعطي الفقراء منها شيئا إنما هي له ولأهله ومعارفه، ولا يجعل للفقراء حظا منها، وهذا خطأ فلابد أن يجعل للفقراء نصيبا منها.
-يعمد بعض الناس إذا سفك دم الأضحية إلى أخذ شيء من الدم ورش الجدار به، زاعما أن هذا يشهد له يوم القيامة، ويترك الدم حتى يزول.
وهذا لا أصل له في الشرع، بل يخشى على صاحبه إذا لم يكن جاهلا، والعياذ بالله.
-ما يفعله بعض الناس من شراء الأضحية ثم بيعها، والتساهل في ذلك وهذا خطأ ينبغي التنبيه له، إلا أن يبدلها بخير منها.
-ما يظنه كثير من الناس أنه إذا وكل غيره في أضحيته، فللموكل أن يأخذ من شعره وظفره وبشرته، وهذا غير صحيح، فإنه لا أثر للتوكيل في المنع من أخذ شعره وظفره، فالذي يمنع من أخذها من أراد أن يضحي، أما الوكيل والوصي فلا يمنعان، فلينتبه لذلك.
والنهي عن أخذ الشعر والظفر والبشرة خاص بمن أراد أن يضحي عن نفسه وأهل بيته، أو يضحي لحي أو ميت، وأما من يضحي عنه كالزوجة والذرية فلا يشملهم النهي، لأنه خاص بمن أراد أن يضحي.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يشملهم، لأنهم يشاركون المضحي في الثواب، فشاركوه في الحكم، ولكن القول الأول أظهر، والله أعلم.
-ما يظنه بعض العامة من عدم جواز ذبح المرأة، وهذا لا اصل له في الشرع، قال الإمام ابن قدامة في "المغني": قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة ذبيحة المرأة والصبي[3].
-اعتقادهم إجراء الصدقة بثمن الأضحية عن ذبحها، وأن ذلك أفضل.
وهذا خطأ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله:" الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه، ولهذا لو تصدق عن دم المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه، وكذلك الأضحية"[4].
وهذا مخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يثبت عنه ولا عن صحابته-رضي الله عنهم- أنهم أخرجوا القيمة بدلا من الأضحية.
-أن هناك من يتعمد الأخذ من الشعر أو الأظافر أو البشرة بحجة أنها سنة ليس عليه أثم، وهذا خطأ يجب عليه أن يستغفر الله، إذا ما أخذ من شعره متعمدا، وهناك من هو عكس هؤلاء، فإذا احتاج إلى أخذ شيء من شعره للضرورة فإنه لا يأخذه، أو احتاج إلى أخذ ظفر لانكساره مثلا فإنه لا يأخذه أيضا، وهذا خطأ.
- أن هناك من يوجب الفدية على المضحي إذا ما أخذ من ظفره أو شعره، وهذا خطأ ليس عليه دليل لا من كتاب ولا من سنة، والواجب عليه التوبة والاستغفار.
-تساهل أكثر النساء -إلا من رحم الله- بعدم الأضحية، بحجة أنها لا تستطيع التحرز من تمشيط شعرها، فنقول لها: ما المانع من الأضحية وتمشيط الشعر، ولو بسقوط شيء منه بلا قصد، لأنه بمثابة الشعر الميت.
وبعض الرجال ربما امتنع عن التضحية لأنه يخشى الإثم على نفسه لعدم استطاعته ترك شعر لحيته أو شاربه.
-تزيين الأضاحي بالورد وأكاليل الزهور... وغير ذلك من الزينة كما يفعله العجم![5]
-ذبح الأضاحي عند القبر، وهو من البدع[6].
-ومن الأخطاء أن يمسح المضحي ظهر أضحيته، ثم يقول:" اللهم أجعل ثوابها لوالدي وهما متوفيان" وهذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته رضي الله عنهم، بل هو بدعة.
-حلق رأسه أو شاربه أو قص أظافره قبل أن يتأكد من ذبح أضحيته، وهذا خطأ يقع فيه كثير من الناس، خاصة لمن يخرجون الأضاحي خارج البلدة التي يسكن بها المضحي، وهذا العلم لابد من توافر شروط، منها:
1-أن يتأكد من ذبحها في نفس اليوم.
2-ألا يخرجها إلا إذا وجد ضرورة ملحة خارج بلده، كأن يتكون في البلاد الأخرى مجاعة أو كوارث كالزلازل والفيضانات وغير ذلك.
3- ألا يسلمها إلا لشخص موثوق به في أمانته ودينه وخلقه، أو لهيئة معروفة.
فمتى توفرت هذه الشروط، فإنه لا حرج في مساعدة إخواننا في كل مكان.
-أكثر العامة عند شراء الأضحية لا يفرق بين الثني والجذع، أي أنها لا يعرف سنها، والواجب معرفة سن الأضحية، أو سؤال من يثق بهم، فالإبل ما تم له خمس سنوات، والبقر ما تم له سنتان، والغنم سنة، والشاة نصفها.
-عدم معرفة العيوب المنهي عنها في الأضحية وهي: العوراء، والمريضة، والعرجاء والهزيلة، وما كان في معناها أو أقبح، وذه لا تجزئ بخلاف العضباء، والبتراء، والتي في أذنها شق، وما قطع ذكره، وما سقطت ثناياه، فهي عيوب مكروهة ولكنها تجزئ[7].
-بعضهم ربما امتنع عن الأضحية، لأنه أخذ من ظفره أو حلق شعره، وهذا خطأ بين، فهو لا يلزمه الإمساك عن التقليم والأخذ من الشعر إلا من حين ينوي، أما قبل النية فلا حرج عليه، وإن أخذ بعد النية فلا حرج عليه، وإن أخذ بعد النية فلا يمنع من الأضحية مع الإثم بالمخالفة كما تقدم.
-أن هناك من الرجال والنساء من يوكلون على أضحياتهم حتى يقصوا من شعورهم أو يحلقوا لحاهم، وهذا خطأ بين لوجوه:
1-أن فيه مخادعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9].
2-حلق اللحى محرم شرعا، به يفتي العلماء قديما وحديثا.
3-تقدم أنه يلزم المضحي نفسه الموكل لا الموكل والموصي لا الموصي.
-أن رب الأسرة إذا ما أراد أن يضحي ألزم أهل بيته بالإمساك عن أخذ شيء من الشعر والظفر، وهذا خطأ، فإن النهي الوارد في النصوص إنما هو خاص للمضحي وليس لأخل بيته، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
-اعتقاد أكثر الناس أن الأضحية لا يصح ذبحها إلا في اليوم الأول، أي في يوم العيد، وهذا خطأ، بل يجوز في يوم العيد وجميع أيام التشريق، (11، 12، 13) فيكون أربعة أيام.
-اعتقاد جواز الاشتراك في الشاة الواحدة عن سبعة كما في الإبل والبقر، وهذا خطأ.
-اعتقاد أكثر النساء بأنه ليس عليها أضحية بحجة أن زوجها ضحى عنها، وهذا خطأ، فالمرأة إذا كان لها رأس مال فلتضح.
-ومن الأخطاء أن تكون الأضحية من مال محرم، كأن تكون من ربا مثلا، وهذا من أعظم الأخطاء، فلا يجوز للمسلم أن يتقرب إلى الله عز وجل بأضحية وهي من مال حرام[8].
-الوضوء بعد صلاة الأضحى من أجل أن يذبح أضحيته[9]، وهذه بدعة.
-يوجد من بيع جلد الأضحية، وهذا لا يجوز لورود الحديث بالمنع منه.
أخطاء تقع عند الذبح:
-حد السكين والبهيمة تنظر.
-أن يذكي البهيمة بآلة غير حادة، وهذا فيه تعذيب للحيوان.
-أن يفعل ما يؤلم البهيمة قبل زهوق نفسها، كأن يكسر عنقها، أو يبدأ بسلخها، أو يقطع شيئا من أعضائها قبل أن تموت.
-ومن الأخطاء: منع البهيمة من تحريك يديها أو رجلها بعد ذبحها، ويظن أن ذلك من تمام الذبح.
-الزيادة على المشروع بلفظ:" كما تقبلت من إبراهيم خليل" وهي لا تعرف في شيء من الروايات، وقد ذكرها شيخ ابن الإسلام ابن تيمية في المناسك ولم يعزها"[10].
-يظن بعض الناس أنه لا بد من الجهر بالنية عند الذبح، وأنه إذا لم يجهر بها غير مجزئة، وهذا غير صحيح، فإن الجهر بالنية سنة وليس بواجب.
قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في طاعته:" أما ما يفعله بعض العامة عندنا يسميها في ليلة العيد ويمسح ظهرها من ناصتها إلى ذنبها، وربما يكرر هذا قائلا:" عني وعن أهل ببيتي، هذا عن أمي" وما أشبه ذلك فهذا من البدع، لأن ذلك ل يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان يسمى من هي له عند الذبح"[11].
-القول بعد الذبح:" بسم الله والله أكبر إن صلاتي ونسكي..." لا يعرف له أصل[12].
[1] أحكام الأضحية والذكاة لفضيلة الشيخ العثيمين.
[2] أخرجه البخاري(955)، ومسلم(1961)، والترمذي (1508)، والنسائي(1563)، وأبو داود(2800، 2801)، والدارمي (1962).
[3] المغني (8/581).
[4] من أحكام العيدين وعشر ذي الحجة لعبد الله الطيار (ص75-89)، بتصرف يسير.
[5] معجم البدع (54).
[6] مجموع الفتاوى (26/306-307)(27-495).
[7] راجع في العيوب المتفق عليها والمختلف فيها في كتب الفقهاء: التمهيد، (10/264-269) المغني لابن قدامة(5/461-464).
[8] من رقم(14) إلى (29)، من رسالة (أخطائنا في العشر) لمحمد راشد الغيلي.
[9] البدع والمحدثات وما لا اصل له(ص208)، فيه فتوى للجنة الدائمة برقم (1275).
[10] تصحيح الدعاء(524).
[11] الشرح الممتع(7/493).
[12] تصحيح الدعاء(524).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.