صفةُ َالرحمةِ

صفةُ َالرحمةِ





الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ثم أما بعد؛.. صفةُ الجمالِ من الصفاتِ الذاتيةِ الثابتةِ للربِّ سبحانه وتعالى بالسنةِ الصحيحةِ عنْ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يَرِدْ اسمُ الجميلِ ولا صفةُ الجمالِ في القرآنِ؛ ودليلُها ما رواه عبدُ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: ((لا يدخل الجنةَ من كانَ في قلبِه مثقالُ ذرةٍ من كِبْرٍ، قال رجلٌ: إنَّ الرجلَ يحبُّ أن يكون ثوبُه حسنًا ونعلًه حسنةً، قال: إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ، الكِبْرُ بَطرُ الحقِّ وغَمْطُ الناسِ))([1]).
وفي البابِ: عن عبدِ اللهِ بن عمرو بن العاص([2])، وأبي سعيدٍ الخدري([3])، وأبي هريرة([4])، وأبي ريحانة([5])، وعبدِ اللهِ بن عمر بن الخطاب([6]).
صفةُ الرحمةِ:
صفةُ الرحمةِ خبريةٌ عقليةٌ ثابتةٌ للربِّ تعالى، والرحمنُ والرحيمُ منْ أسمائِه تعالى؛ والأدلةُ عليها ما يلي:
أولًا ـ الأدلةُ مِنَ القرآنِ:
1- قالَ تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 2-3].
2-وقالَ تعالى: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218].
3- وقالَ تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107].
4- وَقالَ تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].
5- وَقالَ تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} [الأنعام: 12].
وقالَ ابنُ الوزير: (كرَّرَ اللهُ تعالى التمدحَ بالرحمةِ مراتٍ جمة، أكثر منْ خمسمائةِ مرةٍ مِنْ كتابِه الكريمِ، منها باسمِه الرحمن أكثر منْ مائةٍ وستين مرة، ومرة باسمِه الرحيم أكثر مِنْ مائتي مرة، وَجمعُهما للتأكيدِ مائة وست عشرة مرة)([7]).
ثانيًا ـ الأدلةُ مِنَ السُّنةِ:
1- عن أسامة رضي الله عنه قالَ: (كانَ ابنٌ لبعضِ بناتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يقضي، فَأَرْسَلَتْ إليه أن يأتيَها، فأرسلَ: إنَّ للهِ ما أخذَ، وللهِ ما أعطى، وكلٌّ إلى أجلٍ مسمى، فلتصبرٍ ولتحتسبٍ، فأرسلَتْ إليه فأَقْسَمَتْ عليه، فقامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقمتُ معه، وَمعاذُ بن جبل، وأُبي بن كعب، وعبادةُ بن الصامت، فلما دخلنا ناولوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصبيَّ، ونفسه تقلقلُ في صدرِه، حسبتُه قالَ: كأنها شنة؛ فبكى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ سعدُ بن عبادة: أتبكي؟ فقالَ: إنما يرحمُ اللهُ مِنْ عبادِه الرحماء))([8]).
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: ((اخْتَصَمَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ إِلَى رَبِّهِمَا، فَقَالَتِ الْجَنَّةُ: يَا رَبِّ مَا لَهَا لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ؟ وَقَالَتِ النَّارُ - يَعْنِى -: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، قَالَ: فَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ فَيُلْقَوْنَ فِيهَا فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟! ثَلاَثًا، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَمْتَلِئُ وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ))([9]).
3- وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: ((ليُصِيبنَّ أقوامًا سفعٌ منْ النارِ بذنوبٍ أصابوها عقوبةً، ثُمَّ يُدْخِلُهم اللهُ الجنةَ بفضلِ رحمتِه، يُقال لهم: الجهميون))([10]).
4- وعن أبي بكر رضي الله عنه، أنه قالَ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((عَلِّمْنِي دعاءً أدعو به في صلاتي؛ قال: قُلْ اللهمَّ إنِّي ظلمتُ نفسِي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت، فاغفرْ لي مغفرةً من عندِك، وارحمْنِي إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرحيمُ))([11]).
 
الهوامش:

([1]) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، (91)، والترمذي، كتاب أبواب البر والصلة، باب ما جاء في الكبر، (2000)، وأحمد في مسنده، (3788/242).

([2]) رواه أحمد في مسنده، (3788)، والبخاري في الأدب المفرد، (558)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (134).

([3]) رواه أبو يعلى في مسنده، (1055)، (2/320)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، (5/232): (رواه أبو يعلى وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف، وقد وُثِّق).

([4]) رواه البخاري في الأدب المفرد، (567)، وأبو داود، كتاب اللباس، باب ما جاء في الكبر، (4092)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، (433).

([5]) رواه أحمد في مسنده، (17175)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، (5/232): (رواه أحمد ورجاله ثقات).

([6]) رواه الطبراني في الأوسط، (4665)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (1626).

([7]) انظر: إيثار الحق على الخلق، ابن الوزير، ص(125).

([8]) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، (7448).

([9]) رواه البخاري، كتاب التوجيد، باب ما جاء في قول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، (7449).

([10]) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في قول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، (7450).

([11]) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، (834)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، (2750).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
صفةُ َالرحمةِ.doc doc
صفةُ َالرحمةِ.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى