صفةُ الإرادةِ

صفةُ الإرادةِ





الحمدُ للهِ وَالصلاةُ وَالسلامُ على رسولِ اللهِ وَآلِه وَصحبِه وَمَنْ وَالَاه وَبعد.. دلَّتْ النصوصُ الكثيرةُ مِنَ الكتابِ وَالسنةِ على إثباتِ صفةِ الإرادةِ للهِ تعالى، وَنذكرُ بعضَها فيما يلي:
أولًا ـ الأدلةُ مِنَ القرآنِ:
1- قالَ تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
2- وَقالَ تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253].
3- وَقالَ تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 108].
4- وَقالَ تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: 176].
5- وَقَالَ تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 26-27].
ثانيًا ـ الأدلةُ مِنَ السنةِ:
تنوعتْ دلالاتُ صفةِ الإرادةِ في السنةِ؛ ومنها مَا يلي:
1- عنْ أنس بن مالك رضي الله عنه عنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: ((إنَّ اللهَ عز وجل وَكَّلَ بالرَّحِمِ مَلَكًا يقولُ: يا ربِّ نطفة، يا ربِّ علقة، يا ربِّ مضغة، فإذا أرادَ أن يقضي خلقه قال: أذكرٌ أمْ أنثى؟ شقيٌّ أم سعيدٌ؟ فما الرزق والأجل؟ فيُكْتَب في بطنِ أمِّه))([1]).
2- وقالَ حميد بن عبدِ الرحمن([2]): سمعتُ معاويةَ خطيبًا يقولُ: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَنْ يُرد اللهُ به خيرًا يُفَقِّه في الدينِ، وإنما أنا قاسمٌ واللهُ يعطي، ولن تزال هذه الأمةُ قائمة على أمرِ اللهِ لا يضرُّهم من خالفَهم حتى يأتيَ أمرُ اللهِ))([3]).
3- وَعنْ أبي موسى رضي الله عنه، عنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إنَّ اللهَ عز وجل إذا أرادَ رحمةَ أمةٍ من عباده، قبضَ نبيَّها قبلَها، فجعلَه لها فرطًا وسلفًا بين يديها، وإذا أرادَ هلكةَ أمةٍ، عذَّبها ونبيها حيٌّ، فأهلكَها وهو ينظرُ، فأقرَّ عينَه بهلكتِها حين كذبوه وعصوا أمرَه))([4]).
4- وَعنْ أبي سعيدٍ رضي الله عنه قالَ: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ العزلِ؟ فقَالَ: ((مَا منْ كلِّ الماءِ يكونُ الولد، وإذا أرادَ اللهُ خلقَ شيءٍ لم يمنعْه شيءٌ))([5]).
5- وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((منْ يُرِد اللهُ بِه خيرًا يُصِبْ مِنْه))([6]).
ثالثًا ـ أقوالُ الصحابةِ:
1- عنْ عبدِ اللهِ بن عباس - رضيَ اللهُ عنهما - في قولِه تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41]، يقولُ: (منْ يُرِدْ اللهُ ضلالتَه فلنْ يغني عنْه مِنَ اللهِ شيءٌ)([7]).
2- وْعنْ عبدِ الله بنِ عباس - رضيَ اللهُ عنهما - في قولِ اللهِ عز وجل: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125]، يقولُ: (مَنْ يُرِدْ اللهُ أَنْ يُضَلَّه يضيِّقْ عليه؛ حتى يجعلَ الإسلامَ عليه ضيقًا وَالإسلامُ واسعٌ، وَذلكَ حَيْثُ يقولُ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، يقول: ليسَ فِي الإسلامِ مِنْ ضيقٍ)([8]).
3- عنْ أبي موسى الأشعري أنَّه توضأَ فِي بيتِه ثمَّ خرجَ فقالَ: (لألزمنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ولأكوننَّ معَه يومِي هذا)، فجاءَ المسجدَ فسألَ عنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: (خرجَ ووجهُه هاهنا، فخرجتُ على إثرِه أسألُ عنه حتى دخلَ بئرَ أريس ... وَقَدْ تركتُ أخي يتوضأ ويلحقني، فقلتُ: إنْ يُرِدْ اللهُ بفلان خيرًا - يريد أخاه - يأتِ بِه؛ فإذَا إنسانٌ يُحَرِّكُ البابَ، فقلتُ: مَنْ هَذَا؟ فقالَ: عمرُ بن الخطاب ...) الحديث([9]).
الهوامش:

([1]) رواه البخاري، كتاب الحيض، باب مُخَلَّقة وغير مُخَلَّقة، (318)، ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، (2646).

([2]) هو: حميد بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري أبو إبراهيم المدني أخو أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أخت عثمان بن عفان لأمه، وكانت من المهاجرات، وهو ثقة، وكان فقيهًا نبيلًا شريفًا، وثَّقَه أبو زرعة الرازي، وروى عن: بشير بن سعد، وعبد الله بن عباس، وعمر بن الخطاب، ومعاوية بن أبي سفيان، وروى عنه: عتبة بن عمار، وقتادة بن دعامة، والزهري، توفي سنة خمس ومئة، انظر: تهذيب الكمال، المزي، (7/378)، والسير، (4/293).

([3]) رواه البخاري، كتاب العلم، باب من يرد اللهُ به خيرًا يفقهه، (71)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، (1037).

([4]) رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب إذا أراد اللهُ تعالى رحمةَ أمة قبض نبيَّها قبلها، (2288).

([5]) رواه مسلم، كتاب النكاح باب حكم العزل، (1438).

([6]) رواه البخاري، كتاب الرضى، باب ما جاء في كفارة المرض، (5645).

([7]) رواه البيهقي في الأسماء والصفات، (1/397).

([8]) المصدر السابق، (1/398).

([9]) رواه البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي r، باب قول النبي r: ((لو كُنْتُ مُتَّخذًا خَليلًا))، (3674)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عثمان t، (2403)، واللفظ للبخاري.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
صفةُ الإرادةِ.doc doc
صفةُ الإرادةِ.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى