بسم الله الرحمن
الرحيم
المولد
إن الحمد لله نحمده
ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده
الله فلا مضل له، ومن
يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا لا شريك
له، وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله. أما بعد
:
فهذا بحث في مسألة
تكلم بها كثيرون حتى
أضحت شعاراً لبعض
الجماعات، إنها مسألة
الاحتفال بعيد مولد
نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم.
والدافع لهذا البحث
أن مسألة الاحتفال
بالمولد ومن شدة تعلق
البعض بها وأنها شعار
لمذهبه وانتمائه أصبح
هدمها هدماً لمذهبه
وجماعته بالكلية، ومن
هنا كان الدفاع عنها
شرساً والنقاش معهم
فيها غالباً محكوم
عليه بالفشل.
فرأيت أن الكتابة في
هذا البحث مع مزيد من
البيان مجال مفتوح
أمام من أراد أن ينظر
في أدلة المسألة ثم
يعيد النظرَ ثم يتبع
الحق الذي يظهر لديه
بعيداً عن الانتصار
للنفس، خاصة وأن
المجادل غالباً لا
يسمع لك في أثناء
حوارك له حيث يشغله
استحضار الرد والجدل.
فأنا أرجو ممن أراد
أن يقرأ هذا الكلام
أن يستحضر في قلبه
معناه وأن يفسح لذهنه
فرصة الفهم والبحث
بعيداً عن استحضار
الرد وتصيد الأخطاء
ومكامن المشتبهات.
في البداية أجدني
مضطراً إلى تبين بعض
النقاط من أجل تحرير
وتحديد موضع البحث
خشية أن يدخل علي
البعض فيأخذ بعض
جوانب الموضوع ويحور
الوجهة الرئيسية
لمسار البحث فأقول:
أولاً ـ إنني لا
أتطرق هنا إلى إنشاد
ومدح واحتفال بمناسبة
زواج أو نجاح أو غيره
من النشاطات
الاجتماعية التي
يجتمع فيها الناس
ويطلق عليها العوام
اسم المولد.
ثانياً ـ إنني لا
أتعرض هنا لبحث
مشروعية الضرب على
الدف أو الطبل أو
المزمار أو حتى الرقص
الذي غالباً ما يصحب
تلك المجالس.
ثالثاً ـ إنني مقر
بأن من أعظم النعم
على البشرية ولادة
سيد ولد آدم محمد
عليه أفضل الصلاة
وأتم التسليم، وحاشا
لله الغفلة عن ذلك.
بحثي هذا في
الاحتفال بالعيد
السنوي المحدد بيوم
الثاني عشر من ربيع.
جدير بنا أن نعلم أن
النهي عن الابتداع
ليس معناه النهي عن
شرب الخمر أو الزنا
وإنما معناه النهي عن
إدخال شيء في الدين
من الأمور المحدثة
والتي يظن فاعلها
فيها مصلحة أو خيراً
أو تقرباً بها إلى
الله تعالى، وكم من
آيات وأحاديث وردت
تحث الناس على
الاتباع وتحذرهم من
الابتداع ولكن.
وإن لم يضبط هذا
الأمر فكيف لنا أن
نتفق ونجتمع، وكيف
لنا أن ننكر على
الشيعة مثلاً محافل
الأحزان والبكاء
واللطم في يوم هو
والله من أعظم
الكوارث على الأمة
المحمدية يوم جُذَّ
رأس سبط رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ومُثِّل فيه وحمل على
رؤوس الرماح ؟.
هذا وقد وقعت للبعض
بعض الشبهات فاستدل
على الاحتفال بالمولد
بحديث طويل سُئل فيه
صلى الله عليه وسلم
عن صوم يوم الاثنين
فقال:
{
ذاك يوم ولدت فيه
ويوم بعثت أو أنزل
علي فيه }
وهذه الشبهة ندفعها
بإذن الله تعالى من
أوجه:
أولاً ـ أين
الدلالة في الحديث
على تخصيص يوم من
السنة يحتفل فيه
بالمولد، وهل كل يوم
فضيل أتى الخبرُ ينصُ
عليه يُسن الاحتفال
فيه ؟
إن كان فهناك أيام
فضيلة كثيرة فهل يسن
فيها احتفال أيضاً
كيوم القر مثلاً فقد
قال صلى الله عليه
وسلم :
{ إن
أعظم الأيام عند الله
تبارك وتعالى يوم
النحر ثم يوم القر }
أو أيام العشر من ذي
الحجة أو ليلة القدر
أو.......
ثانياً ـ أنه
أمر لم يعمل به أحد
من الصحابة أو
التابعين أو تابعيهم
ولم يعرف عند النظار
أبي حنيفة ولا عن ابن
المدينة عاصمة
الإسلام مالك ولا عن
الأثري أحمد ولا عند
غيرهم من فقهاء
الأمة، مع أن المسألة
حادثة منذ فجر
الإسلام بل من قبله
بزمان، ومن المعلوم
لدى أي عاقل ومن باب
أولى سيد الخلق
المعلم الأول المؤيد
بالوحي الإلهي عليه
الصلاة والسلام أن
يوم الثاني عشر من
ربيع الذي يعظمه من
يحتفل بالمولد لا
يكون دائماً في كل
سنة يوم الاثنين،
وعليه يكون فعلهم هذا
بخلاف فعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بل هو والله عين
المخالفة لأن النبي
صلى الله عليه وسلم
أثنى على يوم من
الأسبوع بعينه هو يوم
الاثنين وهم اتخذوا
الثاني
عشر من ربيع يوماً من
السنة الذي يدور من
الأسبوع دورته !!
كذلك لم يعرف الصيام
يوم الثاني عشر من
ربيع لا عن النبي صلى
الله عليه وسلم ولا
عن غيره وهذا معناه
أن السبب الداعي
للصيام هو يوم
الاثنين الذي اجتمعت
فيه فضائل منها يوم
مولده صلى الله عليه
وسلم ومنها:
أنه يوم ترفع
الأعمال فيه كما جاء
في حديث فسر فيه صلى
الله عليه وسلم سبب
صيامه له دون ذكر
فضيلة أخرى فقال:
{
تعرض الأعمال يوم
الاثنين والخميس فأحب
أن يعرض عملي وأنا
صائم }
ومنها أنه أنزل فيه
عليه صلى الله عليه
وسلم، وهنا أشير إلى
أن نعمة بعثته
بالرسالة قد ميزته
ورفعته على العالمين
بخلاف مولده الذي
شابه به غيره وهذا
كله بنص القرآن
العظيم: ((
قُلْ إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يُوحَى إِلَيَّ
))[الكهف:110]
فما كان من الصفات
البشرية فهو
مثل غيره بأبي هو
وأمي صلى الله عليه
وسلم، إلا ما جاء به
نص، ولا نخالف نص
القرآن الذي ينص على
بشريته إلا بنص شرعي
ثابت يخصصه، وإن لم
نعتمد هذا فيجب علينا
أن نقر لمن يحتفل
بعيد ميلاده أو ميلاد
شيخه أو...، لأن
الاحتفال بمولد النبي
صلى الله عليه وسلم ـ
على فرض ثبوته ـ لم
يرد فيه التخصيص
فيمكن القياس عليه.
ثالثاً
ـ
من يمنع من صيام يوم
الاثنين من كل أسبوع
وهو يوم مسنون فيه
الصيام وغيره،
وله كثير من الفضائل
ومنها الصيام شكراً
لله على مولد نبينا
صلى الله عليه وسلم
فيه، وعلى قول من رأى
الاحتفال فلماذا لا
نقيم احتفالاً دون
الصيام في كل يوم
اثنين على مر الزمان
وهو الذي جمع كل هذه
الفضائل.؟
رابعاً ـ
بناءً على عمل المولد
بدلاً عن صيام أداه
النبي صلى الله عليه
وسلم شكراً على نعمة
لماذا لا نقيم مولداً
في يوم عاشوراء بدلاً
من صيامه شكراً على
نعمة ؟
خامساً ـ
كم من فرق بين الصيام
ركن الإسلام العبادة
المتعبد بها وبين
الاحتفال السنوي
بالمولد وهو أسمى
عادة وعبادة عند
النصارى وغيرهم.
وقائل يقول: ألم يصم
صلى الله عليه وسلم
يوم عاشوراء ؟
لمثل هذا نقول: هذا
تشريع من النبي صلى
الله عليه وسلم، وإلا
لماذا لا نصوم أو
نحتفل بمولد عيسى
عليه الصلاة والسلام،
ألسنا أحق به من
النصارى، لماذا لا
نصوم أو نحتفل يوم
دخل
يوشع عليه الصلاة
والسلام أرض بني
إسرائيل.
وإذا طلبت من أحدهم
أن يذكر لك أحدَ
العلماء الذين ذكروا
أدلة الاحتفال
بالمولد وقالوا به
يقول لك : السيوطي في
بحثه حسن المقصد في
عمل المولد. وعندما
رجعت إلى كلامه عجزت
عبارتي والله عن وصف
ما قرأت فرأيت أن
أنقل كلامه بحروفه
حيث قال في كتابه
الحاوي للفتاوي :
وأول من أحدث
فعل ذلك ـ أي المولد
ـ صاحب إربل الملك
المظفر أبو سعيد
كوكبرى بن زين الدين
علي بن بكتكتين أحد
الملوك الأمجاد
والكبراء
الأجواد � حكى بعض من
حضر الملك المظفر في
بعض الموالد أنه عد
في ذلك السماط خمسة
آلاف رأس غنم مشوي
وعشرة آلاف دجاجة
ومائة فرس ومائة ألف
زبدية وثلاثين ألف
صحن حلوى، وكان يحضر
عنده في المولد أعيان
العلماء والصوفية
فيخلع عليهم ويطلق
لهم ويعمل للصوفية
سماعاً من الظهر إلى
الفجر ويرقص بنفسه
معهم وكان يصرف على
المولد. اهـ
أقول: بالله عليكم
أين كان سيدنا الصديق
والفاروق عمر
والصحابة معهم عن
القيام بالاحتفال
بالمولد في مسألة
حادثة منذ فجر
الإسلام قبل الملك
المعظم المظفر صاحب
الأمجاد كبير الكبراء
سيد الأجواد كوكبرى
ابن بكتكتين ملك إربل
عاصمة الإسلام ؟ أين
كان مالك وأبو حنيفة
وأحمد والشافعي، أين
كان خلفاء بني أمية
وبني العباس، أين كان
الفقهاء والمحدثون،
أين كانت أمة الإسلام
قبل الملك المظفر
صاحب إربل عاصمة وحصن
ومنبع الإسلام كوكبرى
بن بكتكتين في القرن
السابع الهجري !!!
ولله إنني سمعت رسول
الله صلى الله عليه
وسلم بالإسناد الصحيح
يقول:
{
خير أمتي القرن الذي
بعثت فيهم ثم الذين
يلونهم ثم الذين
يلونهم، ثم يظهر قوم
يشهدون ولا يستشهدون،
وينذرون ولا يوفون،
ويخونون ولا يؤتمنون،
ويفشو فيهم السمن }
ولم أسمعه
يقول: خير أمتي قرون
التتار والمغول.
ولعل أحدهم يقول: إن
هذا اليوم من شعائر
الله وتعظيمه من تقوى
القلوب ؟
ولمثل هذا نقول: إن
يوم ميلاده صلى الله
عليه وسلم المعلوم
لديكم كان معلوماً
لدى الصديق والفاروق
ومن ذكرنا سابقاً ولم
يقوموا بمثل هذا
التعظيم الذي تقومون
فيه فلا أعلم هل كان
ينقصهم تقوى القلوب
الذي تملكون، أم عقل
ونظر مما تحملون.
ومسألة المولد ولله
الحمد والمنة ترد من
عدة جوانب منها:
كونها تشبه ظاهر
باليهود والنصارى
وغيرهم، ومن المعروف
لطالب العلم أن
التشريع الإسلامي من
أسسه مخالفة أهل
الكتاب و أهل الشرك،
وكم من عبادات أصل من
أصول الإسلام نهى
عنها النبي صلى الله
عليه وسلم أن تؤدى في
أوقات أو أماكن لكي
نخالف بها أهل الشرك
أو أهل الكتاب، منها
نهيه عن الصلاة عند
طلوع الشمس أو الزوال
أو الغروب، ونهيه عن
الصيام في أيام السبت
منفردة، كذلك في
النفر من مزدلفة إلى
منى حتى ترتفع الشمس
على الجبل و�
ومن المعروف أن
الاحتفال بمولد نبي
الله عيسى عليه
الصلاة والسلام عند
النصارى هو معلم من
معالم دينهم عرفته
القرون قبل ظهور
الإسلام بقرون، به
تدق النواقيس وتفتح
الكنائس وترتل
التراتيل وتقام
الصلوات ويتزاور
الناس ويحتفلون
...
فبالله عليكم كيف
بنا نحتفل كما
يحتفلون وقد قال من
نحب ونتبع صلى الله
عليه وسلم:
{ خالفوا اليهود
والنصارى }
وفي حديث آخر
{
خالفوا المشركين } وفي حديث آخر
{
خالفوا المجوس }
كيف بنا وقد نهانا
عن التشبه باليهود
والنصارى فقال صلى
الله عليه وسلم:
{ ليس منا من تشبه
بغيرنا لا تشبهوا
باليهود ولا بالنصارى
}
هذا في المشية أو
الملبس، ونحن نتشبه
بهم في أهم محفل من
محافل دينهم
وعباداتهم، بالله
عليكم ألا يخيفنا
قوله صلى الله عليه
وسلم :
{ من
تشبه بقوم فهو منهم }
أم تراه يمزح معنا.؟
كيف بنا وقد قال لنا
من نحب ونتبع صلى
الله عليه وسلم في
صوم عاشوراء :
{ لئن بقيت إلى قابل
لأصومن التاسع } من أجل مخالفة اليهود.
كيف بنا وقد نهانا
عن الصيام العبادةِ
المجمع عليها ركنِ
الإسلام منفردة في
يوم السبت
مخافة التشبه باليهود
أو النصارى، سبحان
الله هذا كله
بالعبادات المنـزلة
من عند الواحد الأحد
المجمع على أنها أساس
من أسس الإسلام
يمنعنا الشارع صلى
الله عليه وسلم من
أدائها على نحو فيه بعض الشبه البعيد وهو تعظيم النصارى ليوم السبت، فما
بالكم باحتفال
منـزلٍ من عند كوكبرى
ابن بكتكتين ملك اربل
عاصمة الإسلام الملك
المعظم المظفر الجواد
صاحب الأمجاد ومجدد
الأحقاب....
كيف بنا وقد حذرنا
من نحب ونتع صلى الله
عليه وسلم من اتباع
اليهود والنصارى
فقال:
{
لتتبعن سنن من قبلكم
شبراً بشبر حتى لو
سلكوا جحر ضب
لسلكتموه، قلنا : يا
رسول الله اليهود
والنصارى، قال : فمن
}.
كيف بنا وقد قال لنا
صلى الله عليه وسلم:
{ لا
تجعلوا قبري عيداً }
فالنبي صلى الله عليه
وسلم ينهى عن المكان
المختص به أن يتخذ
عيداً يعتاد، وأنتم
اتخذتم الزمان المختص
به عيداً يعتاد ؟
كيف بنا وقد قال لنا
من نحب ونتبع صلى
الله عليه وسلم:
{ لا
تطروني كما أطرت
النصارى عيسى بن مريم
}.
سبحان الله إن اللبيب
من الإشارة يفهم
فضلاً عن البينات
الواضحات التي سبقت
ولكن !!.
ألم ينهنا صلى الله
عليه وسلم عن تخصيص
ليلة أو يوم الجمعة
الفضيلين من بين
الليالي والأيام،
فقال:
{ لا
تختصوا ليلة الجمعة
بقيام بين الليالي،
ولا تخصوا يوم الجمعة
بصيام من بين الأيام،
إلا أن يكون في صوم
يصومه أحدكم }.
فكيف نخصص يوماً من
السنة و نجعله عيداً
يعتاد ؟؟
كيف بنا وقد نص من
نحب ونتبع صلى الله
عليه وسلم أن أعياد
المسلمين اثنان لا
ثالث لهما فعن أنس
رضي الله عنه قال :
قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم
المدينة ولهم يومان
يلعبون فيهما فقال :
{ ما
هذان اليومان، قالوا
كنا نلعب فيهما في
الجاهلية، فقال : إن
الله قد أبدلكم بهما
خيراً منهما يوم
الأضحى ويوم الفطر }
وقد عرفتم أن عامة
المسلمين اليوم يعتقد
أن هذا اليوم أحد
أبرز أعياد المسلمين،
ألا نخاف أن يكون في
ذلك تبديل لشرع الله
تعالى.
كيف بنا والنبي صلى
الله عليه وسلم وصف
المغالاة في العبادات
أصول الإسلام مثل
الصلاة
والصيام خروجاً عن
سنته، وتبرأ منها
بقوله للنفر الثلاثة
الذين سألوا عن
عبادته في السر:
{ ما بال أقوام قالوا
كذا وكذا لكني أصلي
وأنام وأصوم وأفطر
وأتزوج النساء فمن
رغب عن سنتي فليس مني
}
هذا بالنسبة لإنسان
أفرط بالتقرب إلى
الله تعالى بعمود
الإسلام الصلاة أو
الصيام الركن الركين
فما بالك بما نحن فيه
!!!.
هذا وأن أعياد
المشركين بذاتها قد
جاء نص يحظر علينا أي
ربط أو مشابهة بها،
ولو كان بأمر شرعي،
ودليله أن رجلاً نذر
على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم،
أن ينحر إبلاً ببوانة،
فأتى النبي صلى الله
عليه وسلم، فقال: إني
نذرت أن أنحر إبلاً
ببوانة، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم:
{ هل
كان فيها وثن من
أوثان الجاهلية يعبد،
قالوا: لا، قال: هل
كان فيها عيد من
أعيادهم، قالوا: لا،
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أوف
بنذرك فإنه لا وفاء
لنذر في معصية الله
ولا فيما لا يملك ابن
آدم }.
وقد سئل شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله
تعالى، عمن يعمل كل
سنة ختمة في ليلة
مولد النبي صلى الله
عليه وسلم، هل ذلك
مستحب أم لا، فأجاب :
الحمد لله، جمع الناس
للطعام في العيدين
وأيام التشريق سنة
وهو من شعائر الإسلام
التي سنها رسول الله
صلى الله عليه وسلم
للمسلمين وإعانة
الفقراء بالإطعام في
شهر رمضان هو من سنن
الإسلام فقد قال
النبي صلى الله عليه
وسلم :
{ من
فطر صائما فله مثل
أجره } وإعطاء
فقراء القراء ما
يستعينون به على
القرآن عمل صالح في
كل وقت ومن أعانهم
على ذلك كان شريكهم
في الأجر وأما اتخاذ
موسم غير المواسم
الشرعية كبعض ليالي
شهر ربيع الأول التي
يقال إنها ليلة
المولد أو بعض ليالي
رجب أو ثامن عشر ذي
الحجة أو أول جمعة من
رجب أو ثامن شوال
الذي يسميه الجهال
عيد الأبرار فإنها من
البدع التي لم
يستحبها السلف ولم
يفعلوها والله سبحانه
وتعالى أعلم.اهـ
وقال رحمه الله
تعالى : لو أن قوما
اجتمعوا بعض الليالي
على صلاة تطوع من غير
أن يتخذوا ذلك عادة
راتبة تشبه السنة
الراتبة لم يكره لكن
اتخاذه عادة دائرة
بدوران الأوقات مكروه
لما فيه من تغيير
الشريعة وتشبيه غير
المشروع بالمشروع ولو
ساغ ذلك لساغ أن يعمل
صلاة أخرى وقت الضحى
أو بين الظهر والعصر
أو تراويح في شعبان
أو أذان في العيدين
أو حج إلى الصخرة
ببيت المقدس وهذا
تغيير لدين الله
وتبديل له وهكذا
القول في ليلة المولد
وغيرها والبدع
المكروهة ما لم تكن
مستحبة في الشريعة
وهى أن يشرع ما لم
يأذن به الله فمن جعل
شيئا دينا وقربة بلا
شرع من الله فهو
مبتدع ضال.اهـ
وسئل الدكتور يوسف
القرضاوي، في برنامج
الشريعة والحياة على
قناة الجزيرة
الفضائية بتاريخ 9/
ذي الحجة 1421 هـ.
س ـ لماذا لا نحتفل
بيوم مولد سيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم ؟
ج ـ هذا لأن الأعياد
عندنا مرتبطة بشعائر
والذي حددها هو صاحب
المولد صلى الله عليه
وسلم، وهو القائل: إن
الله أبدلكما بيومي
الجاهلية عيد الفطر
وعيد الأضحى ولم يجعل
يوم مولده عيداً لأن
مولده صلى الله عليه
وسلم كان مولداً
عادياً فالمسيح ولد
من غير أب وحدثت حوله
ضجة واهتم القرآن به
وذكره في سورة مريم
وآل عمران، أم مولد
محمد صلى الله عليه
وسلم فقد كان مولد
يتيم عادي ولذلك لم
تُذكر قصة المولد في
القرآن قط على خلاف
ما ذكر كالهجرة
والإسراء والمعراج
والغزوات وهذه
الأشياء، فلذلك لم
يشرع لنا الاحتفال
بالمولد أو التعبد
بالاحتفال بالمولد
فنحن في هذا متبعون
ولسنا مبتدعين،
متبعون لما شرعه
النبي صلى الله عليه
وسلم. اهـ
ولعل
أحد الدعاة يُزين له
أمر السكوت عن هذا
الفعل، بحجة التقارب
والمسايرة وما إلى
ذلك، والمسايرة أمر
طيب حسن ولكن ليس على
حساب الدين، فنتيجة
بحثي وعلى رأسها فتوى
شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله
تعالى، تظهر مدى
المخالفة الشرعية
التي يقع بها
المحتفلون، ولمثل هذا
الداعي أقول: قال
رسول الله صلى الله
عليه وسلم:
{ لا
تزال طائفة من أمتي
قائمة بأمر الله لا
يضرهم من خذلهم أو
خالفهم } .
ومن هذا الحديث يكون
لدينا ثلاثة أصناف:
ظاهر على الحق،
ومخالف للحق، وخاذل
للحق، وعليه فالداعي
المسلم أحد طوائف
ثلاث: إما ظاهر على
الحق، وإما مخالف
والعياذ بالله، وإما
خاذل لأهل الحق، ولا
أراك إلا منهم أيها
الداعي الحكيم.
إن في ذلك لذكرى لمن
كان له قلب، والحمد
لله وحده هو الهادي
إلى صراط مستقيم،
وصلى الله ربي على
مولاي وقرة عيني محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.
|