بسم الله الرحمن
الرحيم
مجموعة أدلة عقلية
يفهمه العامة في
بدعية الاحتفال
بالمولد
1- الدليل الأول :
اتفق أهل العلم من لا
يرى منهم عمل المولد
ومن يراه على أن
الاحتفال بالمولد
النبوي لم يفعله
السلف الصالح، فمن
أين أتت هذه الأوراد
والصفات للمولد
والقيام للنبي وهي
تحتاج إلى مستند شرعي
كما قال النبي صلى
الله عليه وسلم:
{ من أحدث في أمرنا
هذا ما ليس منه فهو
رد }
فإذا كان كذلك فما
حدث بعد السلف رضي
الله عنهم لا يخلو
إما أن يكونوا علموه
وعلموا أنه موافق
للشريعة ولم يعملوا
به ومعاذ الله أن
يكون ذلك؛ إذ أنه
يلزم منه تنقيصهم
وتفضيل من بعدهم
عليهم، ومعلوم أنهم
أكمل الناس في كل شيء
وأشدهم اتباعاً.
وإما أن يكونوا علموه
وتركوا العمل به، ولم
يتركوه إلا لموجب
أوجب تركه فكيف يمكن
فعله؟! وإما أن
يكونوا لم يعلموه
فيكون من ادعى علمه
بعدهم أعلم منهم
وأفضل وأعرف بوجوه
البر وأحرص عليها ولو
كان ذلك خيراً لعلموه
ولظهر لهم، ومعلوم
أنهم أعقل الناس
وأعلمهم، وقد قال مطرف بن عبد الله بن
الشخير: عقول الناس
على قدر أزمنتهم.
ولأجل هذا المعنى لم
يكن عندهم إشكال في
الدين ولا في
الاعتقادات لوفور
عقولهم، وإنما حدثت
الشبه بعدهم لما
خالطت العجمة الألسن،
فلنقصان عقول من
بعدهم عن عقولهم وقع
ما وقع.
وأما محمد علوي
المالكي فهو من شيوخ
الصوفية الغلاة في
هذا العصر بمكة
المكرمة وهو ليس من
أهل السنة والجماعة،
وهو الذي مدح نفسه
بقوله: خادم العلم
الشريف في بلد الله
الحرام.
وأما واصف أحمد فاضل
كابلي فهو من شيوخ
الصوفية في هذا العصر
وأصله من كابل
بأفغانستان ويسكن مكة
المكرمة وليس من أهل
اليمن.
2- الدليل الثاني:
بماذا سيجيب عن قول
صاحب البردة:
إن لم تكن في معادي
آخذاً بيدي
فضلاً وإلا فقل يا
زلة القدم
فإن من جودك الدنيا
وضرتها
ومن علومك علم اللوح
والقلم
هل الآخرة من جود
النبي صلى الله عليه
وسلم، وهل من بعض
علوم النبي صلى الله
عليه وسلم علم اللوح
والقلم الذي هو علم
الله.
3- الدليل الثالث:
أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لو كان
دوريا ومتعبدا به
لكان بدعة سواء
فعلتها السعودية أو
غيرها، ولكنه ليس
بمتكرر، ولم يكن له
موعد محدد يتكرر
كالعبادة، والأهم أنه
لم يقل أحد أنه عبادة
وأنه سنة، وإنما كان
اجتماعا من أمور
العادات كالمؤتمرات
والندوات المباحة
ونحو ذلك.
4- الدليل الرابع:
اختلاف العلماء في
تحديد يوم مولد النبي
صلى الله عليه وسلم
وكل قول له علماء
أجلاء:
قال ابن كثير بعد أن
جزم بأنه لا خلاف في
أن النبي صلى الله
عليه وسلم ولد يوم
الإثنين قال: الجمهور
على أن ذلك -أي:
ولادته- كان في شهر
ربيع الأول.
فقيل: لليلتين خلتا
منه، قاله ابن عبد
البر في الاستيعاب،
ورواه الواقدي عن أبي
معشر نجيح بن عبد
الرحمن المدني.
وقيل: لثمان خلون
منه، حكاه الحميدي عن
ابن حزم، ورواه مالك
وعقيل ويونس بن يزيد
وغيرهم عن الزهري عن
محمد بن جبير بن
مطعم، ونقل ابن عبد
البر عن أصحاب
التاريخ أنهم صححوه،
وقطع به الحافظ
الكبير محمد بن موسى
الخوارزمي، ورجحه
الحافظ أبو الخطاب
ابن دحية في كتابه
التنوير في مولد
البشير النذير.
وقيل: لعشر خلون منه،
نقله ابن دحية في
كتابه، ورواه ابن
عساكر عن أبي جعفر
الباقر، ورواه مجاهد
عن الشعبي كما مر.
وقيل: لاثنتي عشرة
خلت منه، نص عليه ابن
إسحاق، ورواه ابن أبي
شيبة في مصنفه، عن
عفان، عن سعيد بن
ميناء، عن جابر وابن
عباس أنهما قالا:
(ولد رسول الله صلى
الله عليه وسلم عام
الفيل يوم الإثنين
الثاني عشر من شهر
ربيع الأول، وفيه
بعث، وفيه عرج به إلى
السماء، وفيه هاجر،
وفيه مات). وهذا هو
المشهور عند الجمهور،
والله أعلم.
وقيل: لسبعة عشر خلت
منه، كما نقله ابن
دحية عن بعض الشيعة.
وقيل: لثمان بقين منه
نقله ابن دحية من خط
الوزير أبي رافع بن
الحافظ أبي محمد بن
حزم عن أبيه، والصحيح
عن ابن حزم: الأول:
أنه لثمان مضين منه،
كما نقله عنه الحميدي
وهو أثبت. اهـ
5- الدليل الخامس:
قال ابن الحاج في
المدخل (2/16، 17) في
كلامه على عمل
المولد، قال: العجب
العجيب كيف يعملون
المولد بالمغاني
والفرح والسرور، كما
تقدم لأجل مولده صلى
الله عليه وسلم، كما
تقدم في هذا الشهر
الكريم وهو صلى الله
عليه وسلم فيه انتقل
إلى كرامة ربه عز وجل
وفجعت الأمة وأصيبت
بمصاب عظيم لا يعدل
ذلك غيرها من المصائب
أبداً، فعلى هذا كان
يتعين البكاء والحزن
الكثير وانفراد كل
إنسان بنفسه لما أصيب
به، لقوله صلى الله
عليه وسلم:
{ليعزَّى المسلمون في مصائبهم المصيبة بي}
. فلما ذكر صلى الله
عليه وسلم المصيبة به
ذهبت كل المصائب التي
تصيب المرء في جميع
أحواله وبقيت لا خطر
لها..
الرد على الاستدلال:
{من
سن سنة حسنة}
:
أجاب الإمام الشاطبي
في (ج:1) من الاعتصام
(ص:142-145) عن قول
من قال بأن معنى: (من
سن سنة حسنة): من
اخترع السنة من عند
نفسه بشرط أن تكون
حسنة، وزعم أن معناه
ليس من عمل بسنة
ثابتة - أجاب عن ذلك
بوجهين:
أحدهما: أن قوله صلى
الله عليه وسلم:
{من سن سنة حسنة}
الحديث، ليس المراد
به الاختراع البتة،
وإلاَّ لزم من ذلك
التعارض بين الأدلة
القطعية، إن زعم مدعي
ذلك أن ما ذكره من
الدليل مقطوع به، فإن
زعم أنه مظنون فما
تقدم من الدليل على
ذم البدع مقطوع به،
فيلزم التعارض بين
القطعي والظني
والاتفاق من المحققين
على تقديم القطعي على
الظني.
فليس المراد بالحديث
الاستنان بمعنى
الاختراع، وإنما
المراد به العمل بما
ثبت من السنة
النبوية، وذلك
لوجهين:
أحدهما: أن السبب
الذي جاء لأجله
الحديث هو الصدقة
المشروعة، بدليل ما
في الصحيح من حديث
جرير بن عبد الله رضي
الله عنهما قال:
{كنا عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في صدر النهار، فجاءه
قوم حفاة عراة مجتابي
النمار -أو العباء-
متقلدي السيوف عامتهم
من مضر -بل كلهم من
مضر- فتمعر وجه رسول
الله صلى الله عليه
وسلم؛ لما رأى بهم من
الفاقة، فدخل ثم خرج،
فأمر بلالاً فأذن
وأقام فصلى، ثم خطب،
فقال: ((يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ
نَفْسٍ وَاحِدَة))
[النساء:1]، إلى آخر
الآية ((إِنَّ
اللَّهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا))
[النساء:1] والآية
التي في الحشر:
((اتَّقُوا اللَّهَ
وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ
مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
وَاتَّقُوا اللَّهَ))
[الحشر:18]، وبعد:
تصدق رجل من ديناره،
من درهمه، من ثوبه،
من صاع بره، من صاع
تمره، حتى قال: ولو
بشق تمرة، قال: فجاءه
رجل من الأنصار بصرة
كادت كفه تعجز عنها،
بل قد عجزت.
قال: ثم تتابع الناس
حتى رأيت كومين من
طعام وثياب، حتى رأيت
وجه رسول الله صلى
الله عليه وسلم يتهلل
كأنه مذهبة، فقال
رسول الله صلى الله
عليه وسلم: من سن في
الإسلام سنة حسنة فله
أجرها وأجر من عمل
بها بعده من غير أن
ينقص من أجورهم شيء،
ومن سن في الإسلام
سنة سيئة كان عليه
وزرها ووزر من عمل
بها من غير أن ينقص
من أوزارهم شيء}
.
فتأملوا قول رسول
الله صلى الله عليه
وسلم:
{من سن سنة حسنة}
تجدوا ذلك فيمن عمل
بمقتضى المذكور على
أبلغ ما يقدر عليه،
حتى بتلك الصرة،
فانفتح بسببه باب
الصدقة على الوجه
الأبلغ، فسر بذلك
رسول الله صلى الله
عليه وسلم حتى قال:
{من سن في الإسلام
سنة حسنة}
الحديث، فدل على أن
السنة هاهنا مثل ما
فعل ذلك الصحابي،
وهو: العمل بما ثبت
كونه سنة، وأن الحديث
مطابق لقوله في
الحديث الآخر:
{من أحيا سنة من سنتي
قد أميتت بعدي}
الحديث.. إلى قوله:
{ومن ابتدع بدعة
ضلالة}،
وكذلك قوله صلى
الله عليه وسلم:
{ومن أحيا سنتي فقد
أحبَّني}
. ووجه ذلك في الحديث
الأول ظاهر؛ لأنه صلى
الله عليه وسلم لما
حض على الصدقة أولاً،
ثم جاء بعد ذلك
الأنصاري بما جاء به
فانثال بعده العطاء
إلى الكفاية، فكأنها
كانت سنة أيقظها رضي
الله عنه بفعله، فليس
معناه: من اخترع سنة
وابتدعها ولم تكن
ثابتة.
ونحو هذا الحديث في
رقائق ابن المبارك
ما يوضح معناه
عن حذيفة رضي الله
عنه قال:
{قام سائل على عهد
رسول الله صلى الله
عليه وسلم فسأل، فسكت
القوم، ثم إن رجلاً
أعطاه، فأعطاه القوم،
فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: من
استن خيراً فاستن به
فله أجره ومثل أجور
من اتبعه غير منتقص
من أجورهم شيء، ومن
استن شراً فاستن به
فعليه وزره ووزر من
اتبعه غير منتقص من
أوزارهم شيء}،
فإذاً قوله: (من سن
سنة حسنة) معناه: من
عمل بسنة، لا من
اخترع سنة.
الوجه الثاني: من
وجهي الجواب، عن قوله
صلى الله عليه وسلم:
{من سن سنة حسنة}
إلخ - أن قوله:
{من سن سنة حسنة} و{من
سن سنة سيئة}
لا يمكن حمله على
الاختراع من غير أصل؛
لأن كونها حسنة أو
سيئة لا يعرف إلا من
جهة الشرع، فلزم أن
تكون السنة في الحديث
إما حسنة في الشرع،
وإما قبيحة بالشرع،
فلا يصدق إلا على مثل
الصدقة المذكورة، وما
أشبهها من السنن
المشروعة، وتبقى
السنة السيئة منزلة
على المعاصي التي ثبت
بالشرع كونها معاصي،
كالقتل المنبه عليه
في حديث ابن آدم حيث
قال عليه السلام:
{لأنه أول من سن
القتل}،
وعلى البدع؛ لأنه
قد ثبت ذمها والنهي
عنها بالشرع.
الرد على الاستدلال:
جمع الصحابة المصحف
وقصرهم الناس عليه:
فقد أجاب الشاطبي في
الاعتصام (1/145-147)
عن إيراده في البدع
المستحدثة بأنه ليس
من قبيلها، وإنما هو
من المصالح المرسلة،
والمصالح المرسلة عمل
بمقتضاها السلف
الصالح من الصحابة
ومن بعدهم يقول في
ذلك: (أما جمع المصحف
وقصر الناس عليه فهو
على الحقيقة من هذا
الباب -أي: باب
المصالح المرسلة- إذ
أنزل القرآن على سبعة
أحرف كلها شافٍ كافٍ
تسهيلاً على العرب
المختلفات اللغات
فكانت المصلحة في ذلك
ظاهرة إلا أنه عرض في
إباحة ذلك بعد زمان
رسول الله صلى الله
عليه وسلم فتح لباب
الاختلاف في القرآن
حيث اختلفوا في
القراءة فخاف الصحابة
-رضوان الله تعالى
عليهم- اختلاف الأمة
في ينبوع الملة،
فقصروا الناس على ما
ثبت منها في مصاحف
عثمان رضي الله عنه،
واطرحوا ما سوى ذلك،
علماً بأن ما اطرحوه
مضمن فيما أثبتوه؛
لأنه من قبيل
القراءات التي يؤدى
بها القرآن، ثم ضبطوا
ذلك بالرواية حين
فسدت الألسنة ودخل في
الإسلام أهل العجمة؛
خوفاً من فتح باب آخر
من الفساد، وهو أن
يدخل أهل الإلحاد في
القرآن أو في
القراءات ما ليس منها
فيستعينوا بذلك في بث
إلحادهم، ألا ترى أنه
لما لم يمكنهم الدخول
من هذا الباب دخلوا
من جهة التأويل
والدعوى في معاني
القرآن، فحق ما فعل
أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم؛ لأن
له أصلاً يشهد له في
الجملة وهو الأمر
بتبليغ الشريعة، وذلك
لا خلاف فيه؛ لقوله
تعالى:
((يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ
مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ
مِنْ رَبِّكَ))
[المائدة:67] وأمته
مثله.
وفي الحديث:
{ليبلغ الشاهد منكم
الغائب}
وأشباهه، والتبليغ
كما لا يتقيد بكيفية
معلومة، لأنه من قبيل
المعقول المعنى فيصح
بأي شيء أمكن من
الحفظ والتلقين
والكتابة وغيرها،
كذلك لا يتقيد حفظه
عن التحريف والزيغ
بكيفية دون أخرى إذا
لم يعد على الأصل
بالإبطال، كمسألة
المصحف، ولذلك أجمع
عليه السلف الصالح).
وقال: (أن جمع المصحف
كان مسكوتاً عنه في
زمانه صلى الله عليه
وسلم ثم لما وقع
الاختلاف في القرآن
وكثر حتى صار أحدهم
يقول لصاحبه: أنا
كافر بما تقرأ به -
صار جمع المصحف
واجباً ورأياً رشيداً
في واقعة لم يتقدم
بها عهد فلم يكن فيها
مخالفة، والإلزام أن
يكون النظر في كل
واقعة لم تحدث في
الزمان المتقدم بدعة
وهو باطل باتفاق، لكن
مثل هذا النظر من باب
الاجتهاد الملائم
لقواعد الشريعة وإن
لم يشهد له أصل معين،
وهو الذي يسمى:
المصالح المرسلة.
وكل ما أحدثه السلف
الصالح من هذا القبيل
لا يتخلف عنه بوجه
وليس من المخالف
لمقصد الشارع أصلاً
كيف وهو يقول : (ما
رآه المسلمون حسناً
فهو عند الله حسن)
و(لا تجتمع أمتي على
ضلالة)، فثبت أن هذا
المجمع عليه موافق
لقصد الشارع، فقد خرج
هذا الضرب عن أن يكون
فيه الفعل أو الترك
مخالفاً للشارع، وأما
البدعة المذمومة: فهي
التي خالفت ما وضبع
الشارع من الأفعال
والتروك اهـ.
وأما بقية الأمثلة
كالمدارس ابتدائي
ومتوسط وثانوي،
واستخدام الدبابات
والعلوم ومصطلحاتها
فهذه ليست بعبادات
حتى يقال عنها أنها
بدع محدثة في الدين.
6- الدليل السادس:
تظافرت أقوال علماء
المسلمين وتواترت
فتاويهم في القديم
والحديث على بدعية
الاحتفال بمولد سيد
البشر، وأنه مما دخل
في ديننا من قبل
العبيديين الفاطميين،
وهاك أقوال هؤلاء
العلماء الأجلاء،
واستمع لما ينصون
عليه حتى لا تلتبس
عليك الشكوك والأوهام
من هنا أو هناك فأين
الإجماع وكلهم قبل
الوهابية بمئات
السنين:
1- الشيخ تاج الدين
عمر بن علي اللخمي
المشهور بالفاكهاني
المالكي رحمه الله:
قال: (لا أعلم لهذا
المولد أصلاً في كتاب
ولا سنة، ولا ينقل
عمله عن أحد من علماء
الأمة، الذين هم
القدوة في الدين،
المتمسكون بآثار
المتقدمين، بل هو
بدعة أحدثها
البطالون، وشهوة نفس
اعتنى بها الأكالون..
إلخ) [السنن
والمبتدعات (ص:
143)].
2- الإمام ابن الحاج
المالكي رحمه الله:
قال: (فصل في المولد:
ومن جملة ما أحدثوه
من البدع، مع
اعتقادهم أن ذلك من
أكبر العبادات وأظهر
الشعائر ما يفعلونه
في شهر ربيع الأول من
المولد وقد احتوى على
بدع ومحرمات جملة)
[المدخل: (2/ 2-10)].
3- الإمام أبو عمرو
بن العلاء الشافعي
رحمه الله:
قال: (لا يزال الناس
بخير ما تعجب من
العجب - هذا مع أن
الشهر الذي ولد فيه
رسول الله وهو ربيع
الأول هو بعينه الشهر
الذي توفي فيه، فليس
الفرح بأولى من الحزن
فيه، وهذا ما علينا
أن نقول، ومن الله
تعالى نرجو حسن
القبول) [الحاوي
للسيوطي (1/ 190)].
4- الشيخ نصير الدين
المبارك الشهير بابن
الطباخ رحمه الله:
قال: (ليس عمل المولد
من السنن).
5- الحافظ أبو زرعة
العراقي رحمه الله:
قال: (لا نعلم ذلك
-أي عمل المولد- ولو
بإطعام الطعام عن
السلف) [تشنيف الآذان
(ص: 136)].
6- الإمام الشاطبي
المالكي رحمه الله:
فقد عد أنواع البدع
ومنها (اتخاذ يوم
ولادة النبي صلى الله
عليه وسلم عيداً،
وذمه المولد)
[الاعتصام (ص: 34)].
7- ظهير الدين جعفر
التزمنتي رحمه الله:
قال: (عمل المولد لم
يقع في الصدر الأول
من السلف الصالح مع
تعظيمهم وحبهم له -أي
النبي- إعظاماً ومحبة
لا يبلغ جمعنا الواحد
منهم ولا ذرة منه).
7- الدليل السابع:
صرح بعض العلماء
المحققين بأن دعوى
رؤية النبي صلى الله
عليه وسلم بعد موته
في اليقظة والأخذ عنه
دعوى باطلة واستدلوا
على ذلك بأن أولى
الناس بها - لو كانت
مما يقع- ابنته سيدة
النساء وخلفاؤه
الراشدون وسائر
العلماء أصحابه وقد
وقعوا في مشكلات
وخلاف أفضى بعضه إلى
المغاضبة وبعضه إلى
القتال فلو كان صلى
الله عليه وسلم يظهر
لأحد ويعلمه ويرشده
بعد موته لظهر لبنته
فاطمة عليها السلام
وأخبرها بصدق خليفته
أبي بكر رضي الله عنه
فيما روى عنه من أن
الأنبياء لا يورثون،
وكذا للأقرب والأحب
إليه من آله وأصحابه
ثم لمن بعدهم من
الأئمة الذين أخذ
أكثر أمته دينهم
عنهم، ولم يدع أحد
منهم ذلك وإنما ادعاه
بعض غلاة الصوفية بعد
خير القرون، وغيرهم
من العلماء الذين
تغلب عليهم تخيلات
الصوفية.
فمن العلماء من جزم
بأن من ذلك ما هو كذب
مفترى، وأن الصادق من
أهل هذه الدعوى من
خيل إليه في حال غيبة
أو ما يسمى (بين
النوم واليقظة) أنه
رآه صلى الله عليه
وسلم فخال أنه رآه
حقيقة على قول
الشاعر:
ومثلك من
تخيل ثم خالا
والدليل على صحة
القول بأن ما يدعونه
كذب أو تخيل: ما
يروونه عنه صلى الله
عليه وسلم في هذه
الرؤية.
وبعض الرؤى المنامية
مما تختلف باختلاف
معارفهم وأفكارهم
ومشاربهم وعقائدهم
وكون بعضه مخالفاً
لنص كتاب الله وما
ثبت من سنته صلى الله
عليه وسلم ثبوتاً
قطعياً، ومنه ما هو
كفر صريح بإجماع
المسلمين
نعم. إن منهم من
يجلهم العارف بما روي
من أخبار استقامتهم
أن يدعوا هذه الدعوى
افتراء وكذباً على
رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ولكن غلبة
التخيل على المنهمكين
في رياضاتهم وخلواتهم
لا عصمة منها لأحد
وكثيراً ما تفضي إلى
الجنون.
والخلاصة: أن دعوى
حضور النبي صلى الله
عليه وسلم الاحتفال
باليوم الذي يقال:
إنه يوافق يوم المولد
النبوي بجسده غير
صحيحة وأنها تستلزم
خروج النبي صلى الله
عليه وسلم من قبره
ومشيه في الأسواق
ومخاطبته للناس
ومخاطبتهم له وخلو
قبره عن جسده الشريف
بحيث يزار مجرد القبر
ويسلم على غائب، وأن
يراه رائيان في آن
واحد في مكانين
مختلفين، وأن يكون
ذلك الرائي صحابياً
وأن يجب العمل بما
سمعه منه ذلك المدعي
لرؤيته، وأن يحظى
المدعي لرؤيته صلى
الله عليه وسلم في
اليقظة بما لم تحظ به
ابنته فاطمة التي
اشتد حزنها عليه حتى
ماتت كمداً بعده بستة
أشهر على الصحيح، ولم
تنقل عنها دعوى
رؤيته، كما لم يحظ به
غيرها من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم،
وكل ذلك جهالات يدرك
فسادها بأوائل
العقول، كما أن
التعلق في تلك الدعوى
برواية:
{من رآني في المنام
فسيراني في اليقظة}
على أساس أن
المتصوفة لم يدعوا
ذلك إلا بعد أن رأوه
في المنام يعكر عليه
أن جمعاً جماً رأوه
في المنام ثم لم يذكر
واحد منهم أنه رآه في
اليقظة، وخبر الصادق
لا يتخلف.
وأما رواية
{من رآني في المنام
فسيراني في اليقظة}
فقد أجيب عنها
بأجوبة ذكرها الحافظ
ابن حجر في (12) من
فتح الباري (ص:385)
طبعة المطبعة
السلفية:
أحدها: أن ذلك خاص
بأهل عصره ممن آمن به
قبل أن يراه.
الثاني: أن المراد
بها أنه يراه يوم
القيامة بمزيد خصوصية
لا مطلق من يراه
حينئذ ممن لم يره في
المنام.
الثالث: أن المراد
بها أنه يراه في
المرآة التي كانت له
إن أمكنه ذلك.
قال الحافظ: وهذا من
أبعد المحامل.
الرابع: أن المراد
بها أنه سيرى في
اليقظة تأويلها بطريق
الحقيقة أو التعبير.
الخامس: حمل الرواية
على التشبيه والتمثيل
بدليل الرواية الأخرى
{فكأنما رآني في اليقظة}
.
وأما دعوى أن الذي
يحضر مجلس المولد هو
روحانية النبي صلى
الله عليه وسلم.
ففي الرد عليها يقول
السيد رشيد رضا - وهو
عالم معاصر - في
الجزء الثاني من
الفتاوى (ص:465) في
إجابته عن سؤال وجه
إليه عن دعوى أن
روحانية النبي صلى
الله عليه وسلم تحضر
قراءة مولد الديبع،
من أولها إلى آخرها
وتحضر في غيرها من
قصص المولد عند
القيام فقط يقول ما
نصه: (أما قول قراء
هذه القصة من
المحتالين على الرزق
بدعوى الولاية: إن
روحانية المصطفى تحضر
مجالسهم التي يكذبون
فيها عليه فمثله كثير
من أولئك الدجالين
ولا علاج لهذا الجهل
إلا كثرة العلماء
بالسنة والدعاة إليها
بين المسلمين وذلك
بساط قد طوي وإن
كثيراً من المسلمين
ليعادوننا ولا ذنب
لنا عندهم إلا
الانتصار للسنة
السنية والدعوة إلى
الله ورسوله بالحق لا
بالأهواء).
|