إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يجدر بنا أن نعرف الأبواب أو المداخل التي يطرقها الشيطان إلى قلب الإنسان حتى نتمكن من إحكامها وفي هذا يقول الإمام حامد الغزالي: "قلب الإنسان كالحصن، والشيطان عدوه فحمايته واجبة ولا نتوصل إليها إلا بمعرفة مداخله وأعني بها الأمراض فهي كثيرة ولكن نشير إلى أعظمها وما سواه ينضوي تحتها"[1].
إذن فاستقصاؤها يصعب إلا أن هذا القدر الذي سنذكره ينبه على غيره فإنه ما في الآدمي صفة مذمومة إلا وكانت للشيطان مدخل وسلاح، ولهذا سنقف على تفاصيل أهمها وأخطرها كما تناولها القرآن والسنة حتى نتمكن من تجنبها وتسلم القلوب، قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء: 88، 89]
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"[2]، فلا يسلم القلب إلا بسلامته منها وإليك بيانها على سبيل المثال لا الحصر:
تعريف الحقد
الحقد لغة: من باب حقد يحقد حقدًا، وحقدًا، وحقيدة، أي أمسك عداوته في قلبه وتربص لفرصتها فهو حاقد [3] أعاذنا الله.
وفي الاصطلاح[4]: الحقد غصب ثابت، والحقود كثير الحقد، وفيه يقول الإمام الغزالي: "واعلم أن الغضب إذا لزم كظلمة لعجز عن التشفي في الحال ورجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقدًا؛ وعرفه بقوله: معنى الحقد أن يلزم قلبه إستقالة والبغضة له، والنفار عنه، وأن يدوم ذلك ويبقى وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن ليس بحقود) ولاحقد ثمرة الغضب وهو يثمر ثمانية أمور وهي: الحسد، الشماتة، الهجر، الكلام بما لا يحل كالكذب والغيبة، الإيذاء بما يؤلم، منع الحق من قضاء دين أو صلة رحم ونحوه، المحاكاة، الاستهزاء". [5]
وهنا نلاحظ أن الإمام أبو حامد قد أتى بما هو شاف عن الحقد وخطورته وما يترتب عليه من نتائج رديئة تتنافى مع الإيمان.
ولما كان ضرورة بالغًا كالحسد والنفاق وغيره من الأمراض التي تفتك بالقلب فعلينا معالجته والتخلص منه ولا يكون ذلك إلا بالعفو كما أمر بذلك الله سبحانه وتعالى بقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث والذي نفسي بيده لو كنت حلافًا لحلفت عليهن؛ ما نقص مال من صدقة فتصدقوا، ولا عفا رجل عن مظلمة يبتغ بها وجه الله إلا زاده الله بها عزًا يوم القيامة، ولا فتح رجل على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر"[6].
هذا ومن أخطر نتائج الحقد الظلم، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام بن تيمية: "والظلم كله من أمراض القلوب والعدل صحتها وصلاحها"[7].
ولا شك أن الظالم يبغضه اللم وبهذا يتضح لنا أن الحقد نتائجه الظلم وعلاج ذلك كله بالتقوى والعدل، ذلك لأن الجهل وعدم العلم الاعتقادات الفاسدة كالسراب لا تنفع صاحبه في الآخرة.
الهوامش:
الهوامش:
[1] إحياء علوم الدين، ج 3، ص 32 وما بعدها بتصرف.
[2] رواه البخاري في صحيحه، رقم الحديث: (52).
[3] محيط المحيط، ص 181.
[4] مفردات القرآن للاصفهاني، ص 155.
[5] إحياء علوم الدين، ج3، ص 177,
[6] مجمع الزوائد: للهيثمي، ج3، ص 105، باب ما نقص مال من صدقة، كتاب الزكاة.
[7] مجموع الفتاوى.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.