الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فما آثار التعبد بأسماء الله تعالى وصفاته على قلب العبد وعمله؟ قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة"[1]، فما معنى الإحصاء مع التوضيح؟
o الإحصاء النظري: المتمثل في العلم بها، وحفظها وحفظ النصوص الدالة عليها.
o الإحصاء الفقهي: المتمثل في تأملها وفهم معانيها ومدلولاتها، والإيمان بآثارها.
o الإحصاء العملي: الذي هو العمل بمقتضاها ودعاء الله بها.
كي تتجلى الآثار السلوكية على الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته، نورد مثالين بشيء من التفصيل:
أولًا: السميع:
معنى الاسم في حق الله:
- السميع لما ينطق به خلقه من قول ولكل المسموعات.
- السميع: المستجيب لعباده إذا توجهوا إليه بالدعاء وتضرعوا.
ولا تنافي بين المعاني السابقة، وينبغي على المسلم:
- إثبات صفة السمع له سبحانه وتعالى كما وصف الله عز وجل نفسه بذلك.
- أن سمع الله تبارك وتعالى ليس كسمع أحد من خلقه.
- ورد الاسم مقرونًا بغيره من الأسماء كقوله: (سميع عليم) (سميع قريب)، وهي تدل على الإحاطة بالمخلوقات كلها، وأن الله محيط بها، لا يفوته شيء منها ولا يخفى عليه، بل الجميع تحت سمعه وبصره وعلمه.
وقد ورد الاسم في الكتاب العزيز خمسًا وأربعين مرة.
ثانيًا: البصير:
معنى الاسم في حق الله:
- أنه سبحانه ذو إبصار بما يعمل الخلق، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ ذاكر.
- أنه سبحانه عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة، وهو الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وما ذلك إلا لحكمته ورحمته.
وينبغي على المسلم:
- إثبات صفة البصر له جل شأنه، لأنه وصف نفسه بذلك وهو أعلم بنفسه، وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السمع، فالمتصف بهما أكمل ممن لا يتصف بذلك.
- أن الله تبارك وتعالى بصير بأحوال عباده خبير بها بصير بمن يستحقها.
وورد هذا الاسم في القرآن اثنتين وأربعين مرة.
آثار الإيمان باسمي (السميع والبصير):
- الخوف من الله تعالى، فهو سبحانه يسمع ما نقول، ويرى ما نعمل، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، مما يكون باعثًا على تجنب معصيته خوفًا من عقابه.
- الرجاء، فالله سبحانه وتعالى يرى ويسمع أعمالنا وأقوالنا، فيكون ذلك باعثًا على الجد في الطاعة رجاء ثوابه سبحانه.
- مراقبة الله تعالى وهو الإحسان الذي ورد ذكره في حديث جبريل عليه السلام: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"[2].
الهوامش:
[1] رواه البخاري، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، والشروط التي يتعارفها الناس بينهم، وإذا قال: مائة إلا واحدة أو ثنتين، رقم الحديث: (2736).
[2] رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب الإيمان ما هو وبيان خصاله، رقم الحديث: (9).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.