بدعةُ تخصيصِ شهر رجبَ بالصيامِ

بدعةُ تخصيصِ شهر رجبَ بالصيامِ





الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ، إلى يوم الدِّين ثم أما بعد؛
الردُّ:
1. قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية: (أما تخصيصُ رجبَ وَشعبان جميعًا بالصومِ، أوْ الاعتكاف؛ فلمْ يَرِدْ فيه عن النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم - شيءٌ ولا عنْ أصحابِه، وَلا أئمةِ المسلمين)([1]).
2. أحاديثُ صومِ رجبَ كلُّها ضعيفةٌ، بلْ موضوعةٌ، لا يعتمدُ أهلُ العلمِ على شيءٍ منها، وليستْ منَ الضعيفِ الذي يُروى في الفضائل، بلْ عامتُها منَ الموضوعاتِ المكذوباتِ، مثل حديث: ((اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَب، وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ))([2]).
3.    صحَّ أنَّ عمرَ بن الخطاب كانَ (يضربُ أيدي الناسِ ليضعوا أيديهم في الطعامِ في رجبَ، ويقولُ: لا تشبهوه برمضان، وَدخلَ أبو بكر فرأى أهلَه قدْ اشتروا كيزانًا للماءِ وَاستعدوا للصومِ؛ فقالَ: ما هذا؟ فقالوا: رجب، فقالَ: أتريدون أن تشبهوه برمضان؟! وكسرَ تلكَ الكيزان)([3]).
4.    قالَ ابنُ رجب: (وأمَّا الصيامُ فلمْ يصحْ في فضلِ صومِ رجبَ بخصوصِه شيءٌ عن النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم -، ولا عنْ أصحابِه)([4]).
5.    قالَ الشافعي - رحمهُ اللهُ - في القديمِ: (أكرهُ أنْ يتخذَ الرجلُ شهرَ صومٍ شهرًا يكمله كمَا يكملُ رمضانَ)، واحتجَّ بحديثِ عائشة – رضيَ اللهُ عنها -: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلا رَمَضَانَ)([5]).
6.    تخصيصُه بالصيامِ بدعةٌ لأنَّه لمْ يأمرْ به - صلى اللهُ عليه وسلم - ولمْ يفعله، وَلا خلفاؤُه الراشدون، ولا التابعون، ولا السلفُ الصالحُ، وَكلُّ ما وردَ في صيامِه مِن النصوصِ فقدْ اتفقَ جمهورٌ على أنها موضوعة إلا القليل منها ضعيفٌ جدًّا لا يصلحُ الاحتجاجُ بِهِ.


الهوامش

([1]) رواه البخاري، كتاب الصوم، (1970)، وانظر: فتح الباري، ابن حجر، (4/213)، ورواه مسلم، كتاب الصيام، (1156)، وليس فيهما زيادة (من أجل شهر رمضان).

([2]) رواه الإمام أحمد في مسنده، (1/259)، وفيه زائدة بن أبي الرقاد عن زيادة النميري؛ قالَ ابنُ حجر: (وزائدة بن أبي الرقادة روى عنه جماعةٌ، وَقال: فيه أبو حاتم، يحدث عن زيادة النميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة، فلا يدري منه أو من زيادة، ولا أعلم روى عنه غير زيادة، فكنا نعتبر حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي - بعد أن أخرج له حديثًا في السنن -: لا أدري من هو، وقال في الضعفاء: منكر الحديث، وقال في الكُنى: ليس بثقة، وقال ابن حبان: لا يحتج بخبره).

يراجع: تبيين العجب بما ورد في فضل رجب، ابن حجر، ص(12)، والضعفاء الكبير، أبو جعفر العقيلي، (2/81)، ترجمة رقم: (531)، وتهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، (3/305)، ترجمة رقم: (570).

([3]) قال ابن قدامة: وروى الإمام أحمد بإسناده عن أبي بكرة – ثم ذكر هذا الآثر -، يراجع: المغني، ابن قدامة، (3/167)، والشرح الكبير، له (2/52).

قلتُ: ولكني لم أجده في مسند الإمام أحمد، وقد ذكره شيخُ الإسلام في مجموع الفتاوى عن أبي بكرة، (25/291)، وذكره أيضًا في اقتضاء الصراط المستقيم عن أبي بكرة، (2/265)، وذكر ابنُ حجر في تبيين العجب أن سعيد بن منصور رواه في سننه عن أبي بكرة، ص(35).

([4]) يمكن الجواب عن هذا بأنه قد اتفق العلماءُ؛ مثل: أبي إسماعيل الهروي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن حجر العسقلاني - كما سبق وذكرتُ -، على أنه لم يصحْ حديثٌ في صومِ رجبَ على وجه الخصوص، وأن ما ورد في ذلك فإما ضعيفٌ وهذا قليل، وإما موضوع وهو الأكثر، وَاللهُ أعلم.

([5]) رواه البخاري، كتاب الصوم، (1969)، وانظر: فتح الباري، ابن حجر، (4/213)، ورواه مسلم، كتاب الصيام، (1156).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
بدعةُ تخصيصِ شهر رجبَ بالصيامِ.doc doc
بدعةُ تخصيصِ شهر رجبَ بالصيامِ.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى