توكل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

توكل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم






إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ فإنه من أسماء نبينا صلى الله عليه وسلم المتوكل، كما جاء عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن سلام قالا: (والله إنه لموصوف في التوارة ببعض صفته في القرآن {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } [الأحزاب: 45]، وحرزًا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل...).
وسيرته العطرة حافلة بالمواقف الإيمانية التي تبين عن عظيم توكله على ربه.
لقد أمره الله أن يتحدى المشركين بما تحدى به نوح وهود {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: 195- 196]
ومن مواقف توكله ما كان في الهجرة، فعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، وقد أشاد الله بهذا في قوله: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]
ومن مواقف توكله هو وأصحابه رضي الله عنهم ما جاء في قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [آل عمران: 172- 174]
لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد إلى المدينة وقد أصابه وأصحابه القرح، وكان في المدينة المنافقون الشامتون، واليهود الحاقدون، وحولها المشركون المتربصون، وسمع ان أبا سفيان ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى المدينة، نب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا على ما بهم من الجراح استجابة لله ولرسوله، فوصلوا إلى حمراء الأسد، وجاءهم من قال لهم: (إن الناس قد جمعوا لكم) وهموا باستئصالكم تخويفًا لهم وترهيبًا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانًا بالله وتوكلًا عليه (وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).
وفي قصة الأحزاب التي نزلت فيها سورة من القرآن تحكي مواقفها عبرة وعظة.
لقد استفتحت السورة بخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم تضمن قوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 48]
ثم جاء وصف الموقف الذي عاشه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 9 - 11]وما بعدها من آيات.
وفي هذا الموقف الرهيب الذي تنخلع له القلوب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة عظيمة في الثبات والتوكل والثقة بموعود الله، وصدق اللجأ إليه، فقام يتضرع إلى ربه، ويدعوه، وهو في محنة الحصار: (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب، اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم). ولذا قال ربه المطلع على قلبه في سياق تلك الآيات: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21] وأثر موقف القدوة في أصحابه {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]
وكانت النتيجة السعيدة {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25]
 

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
توكل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم doc
توكل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى