من فضل التوكل أنه سبحانه قرن بينه وبين العبادة وجعله سبب في تفريج الكرب

من فضل التوكل أنه سبحانه قرن بينه وبين العبادة وجعله سبب في تفريج الكرب






إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ إن التوكل على الله تعالى له مقام عظيم، وهو من أقوى الأسباب التي تدفع المرء المؤمن إلى تحمل أقدار الله، ولا تظهر هذه المنزلة والمقام إلا عند شدة المصاب وهوله، وبهذا فإن المؤمن إذا أصابه أمر من الأمور فزع إلى الله، وتوكل عليه وأناب فالتوكل في كل خطوة من خطوات المؤمن هو حق واجب وعقيدة وخلق، فالتوكل من لوازم الإيمان.
قال تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[هود: 123]، وقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: 4]، وقال تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}[المزمل: 9]
ومن فضل التوكل أنه سبحانه قرن بينه وبين الإيمان:
قال تعالى: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الملك: 29]، قال تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عمران: 122]
وكذلك من فضله أن قرن بينه وبين الإسلام:
قال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}[يونس: 84]
ومن فضله أن قرن بينه وبين التقوى والهداية:
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 1 - 3]، قال تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}[إبراهيم: 12]، فمن خلال الآيات القرآنية يتضح لنا أن التوكل على الله فضله عظيم وهو زاد المتقين العابدين المؤمنين، والغاية القصوى لكل مؤمن هي: معرفة الله تعالى وعبادته ويدخل في ذلك التوكل، فمن عرف الله تعالى توكل عليه، قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}[الزمر: 36].
ومن فضله تفريج الهموم والكروب:
وحدثني علي بن أبي مريم، عن محمد بن الحسين، حدثني أحمد بن سهل الأردني، قال: سمعت أبا فروة الزاهد، يقول: قال لي رجل في منامي: أما علمت أن المتوكلين هم المستريحون؟ قلت: يرحمك الله، مم ذا؟ قال: من هموم الدنيا، وعسر الحساب غدا قال أبو فروة: فوالله ما اكترثت بعد ذلك بإبطاء رزق ولا سرعته؛ وذلك أنه " من أجمع التوكل عليه كفاه ما همه، وساق الرزق والخير له، وقد قال الله عز وجل: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره} [الطلاق: 3] "[1]
حدثني أبو العباس البصري الأزدي، عن شيخ، من الأزد قال: جاء رجل إلى وهب بن منبه، فقال: علمني شيئا ينفعني الله به. قال: " أكثر من ذكر الموت، وأقصر أملك، وخصلة ثالثة، إن أنت أصبتها بلغت الغاية القصوى، وظفرت بالعبادة. قال: ما هي؟ قال: التوكل "[2]


الهوامش:
[1] أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي الأموي القرشي المعروف بابن أبي الدنيا، مجموعة رسائل بان أبي الدنيا كتاب التوكل على الله، ص 73
[2] المرجع السابق، ص 75

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
من فضل التوكل أنه سبحانه قرن بينه وبين العبادة وجعله سبب في تفريج الكرب doc
من فضل التوكل أنه سبحانه قرن بينه وبين العبادة وجعله سبب في تفريج الكرب pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى