جعل الجنات والأنهار من ثمرات التوبة

جعل الجنات والأنهار من ثمرات التوبة






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد، من الثمرات والنتائج المرتبة على التوبة أن التوبة من أجل العبادات، وأنها من شيم أوليائه الصالحين، وأنها واجبة على كل مؤمن، ولا يستغنى عنها أحد، ولا يكمل أحد ويحصل له كمال القرب من الله ويزول عنه كل مكروه إلا بها.
كما أخبر بهذا سبحانه بقوله: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 12]، وكما أخبر سبحانه وتعالى بقوله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].
والجنات: هي البساتين ذوات الثمار والأشجار، والأنهار: هي المياه الجارية التي تزين النبات، وتحفظه من اليبس، وتسقي النفوس وتفرح العيون.
والجنات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأنهار، لأنها مصدر حياتها وبقائها وجمالها على الدوام.
وبدون الأنهار تجف الثمار وتذبل الأزهار وتموت الأشجار وتزول الجنان.
والجنات والأنهار هما مصدر الغذاء الرئيس للإنسان، بل هما كل ما يحتاجه من غذاء، فهما مصدر حياته، الماء والطعام.
وهما أنسه في دنياه، وبدونهما تصبح الأرض جدباء مكفهرة، قاحلة، جرداء... لا يتاح  الناظر إليها، لأنها لا تبعث الطمأنينة في النفس، أو تبث الأمل في الحياة الكريمة، ومن هنا فقد قرن القرآن الكريم بين الجنات والأنهار في مواضع كثيرة.
ومنها قوله تعالى: {لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [المائدة: 119]، وقوله تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72].
هذا في الحديث عن نعيم الآخرة، وكذلك قرن بينهما في الحديث عن نعيم الدنيا فقال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} [الفرقان: 10]، وقال تعالى: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} [الإسراء: 91].
وبعد: فإن هذه الجنات بما فيها من رزق كريم وجمال عميم، والأنهار التي تزينها، وتمدنا بالماء المعين هي أثر من آثار التوبة الصادقة، وثمرة من ثمارها، وهذا ما أخبر به رسولنا r حيث قال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب)[1].
ومن أغرب ما وقفت عليه في تفسير هذه الآية، ما ذهب إليه البقاعي، حين خالف جمهور المفسرين، فخالف الصواب في ذلك بقوله: (المراد بالجنات والأنهار ما في الآخرة)[2].
وقد رد عليه الألوسي، وبين أنه خالف جماهير أهل التأويل.[3]
وجعل الجنات والأنهار من أهم مقومات الحياة، لأن الماء والجنان هما مصدر حياة الإنسان وغذاؤه الأساسي، فأهمية الماء أهمية كبرى للإنسان، ووجود الأنهار يجعل في حياة الناس نوع من الاستقرار والطمأنينة، فيزرعون وهم مطمئنون، لأن عندهم أنهارًا يستطيعون الاعتماد عليها في ريهم ومعاشهم.

الهوامش
[1] أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الاستغفار 2/85، وابن ماجه في كتاب الأدب، باب الاستغفار، برقم 1652.
[2] نظم الدرر للبقاعي 6/73.
[3] انظر روح العاني 29/73.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
جعل الجنات والأنهار من ثمرات التوبة doc
جعل الجنات والأنهار من ثمرات التوبة pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى