شبهة أن توحيد الربوبية والإلهية لم يرِد في الكتاب والسُنة

شبهة أن توحيد الربوبية والإلهية لم يرِد في الكتاب والسُنة






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ شبهةُ قولِهم: إن التفريقَ بين توحيدِ الربوبيةِ وتوحيدِ الألوهيةِ وما انبنى عليه من تقسيمِ التوحيدِ إلى هذين المعنيين بدعةً، لم ترِد في كتابِ الله تعالى ولا سُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما سمِعْنَا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدمت عليه أجلافُ العربِ ليُسْلِموا على يديه يُفَصِّلُ لهم أن التوحيد على قسمين؛ ربوبية وألوهية، وأن توحيد الربوبية لا يكفي ولا يُنَجِّي مفردًا عن الألوهية([1]).

الرد:

أولًا: عدم التسليم بعدم ورود هذا التفريق في الكتابِ والسُنة، بل هو معنى ظاهر في نصوص الكتابِ والسُنة، ولعلَّ من أظهر ما يكون من ذلك قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]، وهذان أمرانِ متقابلان، ولا يشكُّ المرءُ بالفرقِ بين المتقابلات.

ثانيًا: قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -: »وقد يقولُ البعضُ إن هذا التقسيمَ للتوحيدِ بدعة، ولكن نقول: بتتبعِ النصوصِ الواردةِ في التوحيدِ وجدناها لا تَخْرُجُ عن هذه الأقسامِ الثلاثة، والاستدلالُ المبني على التتبعِ والاستقراءِ ثابتٌ حتى في القرآنِ؛ كما في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 77-78]، والجواب: لا هذا ولا هذا؛ ولهذا قال: {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} [مريم: 79] « ([2]).

ثالثًا: أن العرب الذين بُعِثَ فيهم النبيُ صلى الله عليه وسلم كانوا عارفين بمقاصدِ اللغةِ، والنبيُ صلى الله عليه وسلم كان يدعوهم إلى تحقيقِ (لا إله إلا الله)، فهم يدركون معنى هذه الكلمةِ إذا أقرُّوا بها، وهو أن يتركوا كلَّ ما كانوا يعبدونه مع اللهِ تعالى، وأن هذا لا يعني تحويلَ اعتقادٍ قلبيٍّ فقط من اعتقادِ أنها لا تخلقُ ولا ترزقُ ثم إن لهم حريةَ الإبقاءِ على طقوسِهم تجاهها، كلا بل إنهم يعرفون معنى هذه الكلمة.

رابعًا: التفريقُ بين النوعين في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم واقعٌ ضمنًا، إذ لم يقبل منهم الإقرارَ بوحدانيةِ اللهِ تعالى في ربوبيته دون الألوهية، وقد أخبره الله تعالى أنه إن سألهم عن خالق السماوات والأرضِ ومدبرِ الأمرِ ليقولُنَّ الله، وهذا هو المقصود بتوحيدِ الربوبيةِ، فلم يكن يقبلُ منهم صلى الله عليه وسلم إلا أن يجمعوا مع ذلك توحيدِ الألوهيةِ، وهو معنى (لا إله إلا الله).


الهوامش

([1])انظر: الدرر السنية في الرد على الوهابية، أحمد زيني دحلان، ص(181)، وانظر: مقال الدجوي، توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، مجلة نور الإسلام، المجلد الرابع، ص(255).

([2])مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد ابن عثيمين، جمع فهد السليمان، (1/83-84).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
شبهة أن توحيد الربوبية والإلهية لم يرِد في الكتاب والسُنة.doc doc
شبهة أن توحيد الربوبية والإلهية لم يرِد في الكتاب والسُنة.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى