هل قول الله {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} اكتفاء بالإقرار بالربوبية عن الإقرار بالإلهية؟

هل قول الله {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} اكتفاء بالإقرار بالربوبية عن الإقرار بالإلهية؟






الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ أما بعد:الاستدلال بآيةِ أخذ الميثاق على بني آدم حيث يقول الله تعالى فيها: {إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172]، فقالوا: إن الله تعالى قال هنا: ألستُ بربِّكم، ولم يقُل: ألستُ بإلهكم، فاكتفى منهم بالإقرار بالربوبية، وهذا يدل على اتحاد مفهومي الربوبية والألوهية، وأن المطلوب من الإقرار بـ (لا إله إلا الله) هو ما ذُكِر في هذا الميثاق وهو الإقرار بأنه الربُّ وحده، فيكون معنى (لا إله إلا الله ) أي لا خالق ولا ربَّ سواه.

الرد:

أولًا: ذكر الربوبية في الآية لا يدلُّ على نفي الألوهية، ولا اتحادها مفهومًا مع الربوبية، بل ذكرُ الألوهية حاصلٌ هنا بدلالة اللزوم، فالإشهاد على الربوبية والإقرار بها له لازم يجب أن لا ينفك عنه وهو حصر استحقاق العبادة بالربِّ الخالق المالك وحده سبحانه دون سواه.

قال الشيخ محمد بشير السهسواني: »إن الإقرار بتوحيد الربوبية مع لِحاظ قضية بدهية، وهي: أن غيرَ الربِّ لا يستحق العبادة يقتضي الإقرار بتوحيد الألوهية عند من له عقل سليم وفهم مستقيم، فيكون الإقرار المذكور حجةً عليهم، كما احتجَّ اللهُ تعالى على المشركين بتوحيد الرازقِ ومالكِ السمعِ والأبصارِ ... على وحدانية الألوهية« ([1]).

ثانيًا: لفظُ (الربَّ) و(الإله) يجتمعان في دلالة أحدهما على الآخر في نفس الأمر، فالربُّ هو المستحِق للألوهية، والإله الحق لابد وأن يكون خالقًا رازقًا، وهذا الأمر لا يكون إلا في حقِّ الله سبحانه وتعالى، فقوله في الآية: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} دالٌّ على معنى الألوهية، إذ إفراده بالربوبية مستَلْزِم لإفراده بالعبادة، أما ما عُبِدَ من دون الله تعالى فيُسمَّى إلهًا باعتبار حصول تلك العبادة له، لا باعتبار استحقاقه لها أو حصول موجبها وهو الربوبية.


ثالثًا: أن يكون في الآية اختصارٌ، ويكون المعنى: ألستٌ بربكم وإلهكم، قال الشيخ محمد السهسواني: »الاحتمال الثاني: أن في الآية اختصارًا والمقصود: ألستُ بربكم وإلهكم؟ يدلُّ عليه أثر ابن عباس رضي الله عنه: »إن الله لما مسح صلبَ آدم فاستخرج منه كلَّ نَسَمَة هو خالقها إلى يوم القيامة، فأخذ منهم الميثاقَ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وتكفَّل لهم بالأرزاق« [2]) ([3]).

الهوامش


([1])صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، السهسواني، ص(43).

([2])رواه ابن جرير في تفسيره، ص(6/9/112)، من غير لفظ (وتكفل لهم بالأرزاق).

([3])صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، السهسواني، ص(446).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
هل قول الله {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} اكتفاء بالإقرار بالربوبية عن الإقرار بالإلهية؟.doc doc
هل قول الله {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} اكتفاء بالإقرار بالربوبية عن الإقرار بالإلهية؟.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى