هل كان آباؤه صلى الله عليه وسلم أنبياء

هل كان آباؤه صلى الله عليه وسلم أنبياء



 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد: فقد جعلنا منهجنا في هذه السلسلة: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب ، فهو أحد الكاذبين)) [مسلم]. وقوله ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)) [مسلم]. وقول ربنا عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:31].

     يذكر كتاب السير عن ابن عباس رضي الله عنهما ، في قوله تعالى: {وتقلبك في الساجدين} قال: مازال النبي صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الأنبياء , حتى ولدته أمه.

     وهذا الأثر غير صحيح , فقد نقل البخاري في صحيحه [4ـ1786] عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه فسر الساجدين في الآية نفسها بالمصلين ، وكذلك فإن سياق الآية الكريمة يرفض هذا المعنى , ولننظر إلى سياق الآيات: قال تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين * فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم * الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين * إنه هو السميع العليم}. [الشعراء:220]

     والآيات الكريمة تدعو النبي صلى الله عليه وسلم للتوكل عليه سبحانه المطَّلع على كل أحواله , في قيامه وصلاته منفرداً وفي صلاته في الجماعة . وهذا تطمين له صلى الله عليه وسلم من الله تعالى.

     والمعلوم من أخبار التاريخ الثابتة خلاف ما جاء به هذا الأثر , فآباؤه القريبين معروفة سيرتهم, ولم يقل أحد أنهم كانوا أنبياء.

     بل ليس في بيئته وإلى عهد غير قصير من ادعى النبوة , وقد سجل البخاري في حديث أبي سفيان: أن هرقل سأل أبا سفيان فقال: فهل قال هذا القول منكم أحد قبله؟ قال أبو سفيان: لا [البخاري: 7].

     بل صرح جمهور العلماء بكفر والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فقد روى مسلم في صحيحه /976ـ2ـ671/ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: زار النبيُّ صلى الله عليه وسلم قبرَ أمه فبكى وأبكى من حوله ، فقال: ((استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت)) ورواه أبو داود /3234/ ، والنسائي/2033/ وعنون عليه: باب زيارة قبر المشرك. وابن ماجه  /1572/ وعنون عليه: باب ما جاء في زيارة قبور المشركين.

وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم /7ـ48/:

فيه ـ أي من فقه الحديث ـ جواز زيارة المشركين في الحياة وقبورهم بعد الوفاة لأنه إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ففي الحياة أولى وقد قال الله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}.

وفيه النهى عن الاستغفار للكفار. اهـ

وروى مسلم أيضاً في صحيحه /203ـ1ـ191/ وعنون عليه النووي ـ الذي وضع عناوين صحيح مسلم ـ باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تناله شفاعة ولا تنفعه قرابة المقربين.

عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: ((في النار)) فلما قفا دعاه فقال: (( إن أبي وأباك في النار)).

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم /3ـ74/:

فيه أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين.

وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم. اهـ

وروى مسلم أيضاً في صحيحه /517ـ 1ـ 82/ وعنون عليه الإمام النووي: الدليل على أن من مات على الكفر لا ينفعه عمل.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله ابن جدعان ، كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين ، فهل ذلك نافعه.؟ قال: ((لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم  الدين)).

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث: ومعنى هذا الحديث أن ما كان يفعله من الصلة والإطعام ، ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة ، لكونه كافراً.اهـ

وصلى الله علي نبينا محمد و على آله وصبحه والحمد لله رب العالمين.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
نسخة المقال pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى