بدعةُ صلاةِ الرغائب

بدعةُ صلاةِ الرغائب



الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ، إلى يوم الدِّين ثم أما بعد؛
الردُّ: صلاةُ الرغائب مِنَ البدعِ المحدثةِ في شهرِ رجب، وتكونُ في ليلةِ أول جمعةٍ مِنْ رجبَ، بينَ صلاةِ المغربِ والعشاء، يسبقُها صيامُ الخميس، الذي هوَ أولُ خميسٍ فِي رجب.
والأصلُ فيها حديثٌ موضوعٌ على رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم -.
وصلاةُ الرغائب أولُ ما أُحْدِثَتْ ببيتِ المقدسِ، وذلكَ بعدَ ثمانين وأربعمائة للهجرةِ، ولَمْ يُصَلهَا أحدٌ قَبْلَ ذلكَ، فَلَمْ يَرِدْ عَنْ النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم - أنَّه فَعَلَهَا، ولا أحدٍ مِنَ أصحابِه - رضوانُ اللهِ عليهم -، ولا التابعين، ولا السلفِ الصالحِ - رحمةُ اللهِ عليهم -([1]).
حكمُها:
لا شَكَّ في بدعيةِ صلاةِ الرغائب، لاسيما أنها أُحْدِثَتْ بعدَ القرونِ المفضلةِ، فَلَمْ يفعلْها الصحابةُ ولا التابعون ولا تابعو التابعين، ولا السلفُ الصالحُ - رحمهُم اللهُ -، وكانوا على الخيرِ أحرصَ ممَّنْ جاءَ بعدَهم.
وقَدْ جرى بينَ العزِّ بن عبدِ السلام وابنِ الصلاح مساجلةٌ علميةٌ جيدةٌ، مِنْ خلالِها يتأكدُ لنا بدعيةُ هذه الصلاةِ المحدثةِ، فقدْ أكدَ الإمامُ العزُّ بن عبد السلام أنَّ صلاةَ الرغائب موضوعةٌ على رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - وَكَذِبٌ عليه، وأنها مُخَالِفَةٌ للشرعِ.
قالَ العز بن عبد السلام: (فإنِّي لَمَّا أنكرتُ صلاةَ الرغائب الموضوعةَ، وبَيَّنْتُ مخالفتَها للسننِ المشروعةِ، .... وإنما أنكرتُها لمجموعِ صفاتِها وخصائصِها، التي بعضُها يقتضي التحريمَ، وبعضُها يقتضي مخالفتَها للسننِ).
وَقَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية - رحمهُ اللهُ - : (وأما صلاةُ الرغائب فلا أصلَ لها، بَلْ هي مُحْدَثَةٌ، فلا تُسْتَحَبُّ، لا جماعةً ولا فرادى، فقدْ ثبتَ في صحيحِ مسلم أنَّ النبيَّ - صلى اللهُ عليه وسلم - نهى أنْ تُخْتَصَّ ليلةُ الجمعةِ بقيام، أو يومُ الجمعةِ بصيام، والأثرُ الذي ذُكِرَ فيها كذبٌ موضوعٌ باتفاقِ العلماءِ، ولم يذكرْه أحدٌ مِنَ السلفِ والأئمةِ أصلًا) .ا.هـ([2]).
سُئِلَ النووي – رحمهُ اللهُ – عَنْ صلاةِ الرغائب وصلاةِ النصفِ مِنْ شعبان هل لهما أصلٌ؟
فأجابَ: (الحمدُ للهِ، هاتان الصلاتان لَمْ يُصلِّهما النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم -، ولا أحدٌ مِنْ أصحابِه – رضيَ اللهُ عنهم –، ولا أحدٌ مِنَ الأئمةِ الأربعةِ المذكورين - رحمهُم اللهُ -، ولا أشارَ أحدٌ منهم بصلاتِهما، ولم يفعلْهُما أحدٌ ممنْ يُقْتَدَى بِه، ولمْ يصحْ عَنْ النبيِّ منها شيءٌـ ولا عَنْ أحدٍ يُقْتَدَى بِهِ.
وإنما أُحْدِثَتْ في الأعصارِ المتأخرةِ، وصلاتُهما مِنَ البدعِ المنكرات، ولا يغترنَّ أحدٌ بكونِها شائعةً يفعلُها العوامُ وشبهُهم، فإنَّ الاقتداءَ إنما يكونُ برسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم -، وبما أَمَرَ بِهِ، لا بما نهى عنه وحذَّر منه ......، أعاذنا اللهُ مِنَ المبتدعات، وَحَمَانَا مِنَ ارتكابِ المخالفاتِ - واللهُ أعلمُ -)([3]) ا.هـ.
وَقَالَ ابنُ قيمِ الجوزيةِ: (وكذلكَ أحاديثُ صلاةِ الرغائب ليلةَ أولِ جمعةٍ مِنْ رَجَبَ كُلُّها كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ على رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم -)([4]) ا.هـ.


الهوامش

([1]) يراجع: الحوادث والبدع، الطرطوشي، ص(122).

([2]) يراجع: مجموع فتاوى ابن تيمية، (23/132).

([3]) يراجع: مساجلة العز بن عبد السلام وابن الصلاح حول صلاة الرغائب، ص(45-47).

([4]) يراجع: المنار المنيف، ابن القيم، ص(95)،حديث رقم: (167).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
بدعةُ صلاةِ الرغائب.doc doc
بدعةُ صلاةِ الرغائب.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى