بدعةُ الاحتفالِ برأسِ السنةِ الهجريةِ

بدعةُ الاحتفالِ برأسِ السنةِ الهجريةِ




الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ، إلى يوم الدِّين ثم أما بعد؛
الرد: ذكرَ ذلك المقريزيُّ فِي خططِه ضمن الأيام التِي كانَ العبيديون يتخذونَها أعيادًا وَمواسمَ، قَالَ: (موسمُ رأسِ السنةِ: وَكَانَ للخلفاءِ الفاطميين اعتناءٌ بليلةِ أول المُحرم فِي كُلِّ عامٍ؛ لأنَّها أولُ ليالي السنةِ وَابتداءُ أوقاتِها ...) ا.هـ، ثمَّ ذكرَ الرسومَ المتبقيةَ فِي هذا الموسمِ، وَذكرَ بعدَه موسمَ أولِ العام وَعنايتهم بِه([1]).
وَعيدُ رأسِ السنةِ مِنْ أعيادِ اليهود التي نطقتْ بها التوراةُ، وَيسمونَه "رأسَ هيشا"، أي عيد رأسِ الشهرِ، وَهوَ أولُ يومٍ مِنْ تشرين، ينزلُ عندَهم منزلةَ عيدِ الأضحى عندَ المسلمين، وَيقولون: إنَّ اللهَ - عزَّ وجل - أَمَرَ إبراهيمَ بذبحِ إسحاق([2]) ابنه - عليهما السلام - فيه، وَفَدَاهُ بذبحٍ عظيمٍ([3]).
وَلَاشَكَّ أَنَّ هذا الاحتفالَ - الاحتفالَ برأسِ السنةِ الهجريةِ - أمرٌ مُحدث مُبتدعُ، لَمْ يُؤْثَرْ عن النبيِّ - صلى اللهُ عليه وسلم - وَلَا عَنْ أحدٍ مِنْ أصحابِه - رضوان اللهِ عليهم -، وَلَا عَنْ السلفِ الصالحِ مِنَ التابعين وَتابعِيهم وَأعلامِ الأمةِ وَعلمائِها مِنَ الأئمةِ الأربعةِ وَغيرهم - رحمةُ اللهِ عليهم -.
وَلكنْ حَدَثَ ذلكَ بعدَ القرونِ المفضلةِ، بَعْدَمَا اختلطَ المسلمون بغيرِهم مِنَ اليهودِ وَالنصارى، وَدَخَلَ فِي الإسلامِ مَنْ يريدُ بذلك أنْ يفسدَ على المسلمين دينَهم، فصاروا يحتفلون بأعيادِ اليهودِ وَالنصارى، وَهذَا مصداقُ قَوْلِهِ - صلى اللهُ عليه وسلم -: ((لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم ...)) الحديث([4]).
وَمِمَّا أُحْدِثَ أيضًا فِي يومي آخرِ السنةِ وَأولِها صيامُهما، وَاستندَ المبتدعةُ إلى حديثِ: ((مَنْ صَامَ آخرَ يومٍ مِنْ ذي الحجةِ، وَأولَ يومٍ مِنْ المُحَرَّمِ؛ فَقَدْ خَتَمَ السنةَ الماضيةَ وَافتتحَ السنةَ المستقبلةَ بصومٍ جَعَلَ اللهُ لَه كفارةَ خمسين سنةٍ))([5]).


الهوامش

([1]) يراجع: الخطط والآثار، المقريزي، (1/490).

([2]) هذا كذب وافتراء من اليهود، فالذبيح هو إسماعيل وليس إسحاق – عليهما السلام -؛ لأنَّ أول ولد بُشِّرَ به إبراهيمُ - عليه السلام - هو إسماعيل - عليه السلام -، وهو أكبر من إسحاق - عليه السلام -، وهذا باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، بل نصَّ في كتابهم أن إسماعيل - عليه السلام - وُلِدَ ولإبراهيم - عليه السلام - ستٌّ وثمانون سنة، وَوُلِدَ إسحاقُ - عليه السلام - وَعُمْرُ إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - تسع وتسعون سنة، وكونهم قالوا: إن الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل - عليهما السلام -؛ لأنَّ إسحاق أبوهم وإسماعيل أبو العرب فحسدوهم، فقولهم تحريف وباطل عند عامة العلماء، إلا قولًا شاذًّا في هذا لا يعول عليه.

يُراجع: تفسير ابن كثير، (4/14)، تفسير سورة الصافات، الآيات: (99-113).

([3]) يُراجع: نهاية الأرب، النويري، (1/195).

([4]) رواه البخاري، انظر: فتح الباري، ابن حجر، (13/300)، ورواه مسلم، انظر: شرح النووي، (16/219)، كتاب العلم، واللفظ له.

([5]) أورده ابن الجوزي في الموضوعات، (2/199)، وقال: الهروي هو الجويياري، ووهب، كلامها كذاب وضَّاع.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
بدعةُ الاحتفالِ برأسِ السنةِ الهجريةِ.doc doc
بدعةُ الاحتفالِ برأسِ السنةِ الهجريةِ.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى